ج ٩، ص : ١٢٢
عن النبي ـ ﷺ ـ ان اللّه كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق والنفس تمنى وتشتهى والفرج يصدق ذلك ويكذبه ورواه سهل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة عن النبي ـ ﷺ ـ وزاد والعينان زناهما النظر والأذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطا وقال الحسن بن الفضل اللمم النظرة من غير تعمد فهو مغفور فان عاد النظرة فليس بلمم وعلى هذا اللمم أخص من صغاير الذنوب وقال سعيد بن المسيب ما لم على القلب أى خطر وهذا يناسب ما قال الجوهري من قولك ألممت بكذا أى أنزلت به وقاربته من غير مواقعة وعلى هذه الأقوال الاستثناء منقطع وقال الكلبي اللمم على وجهين كل ذنب لم يذكر اللّه عليه حدا فى الدنيا ولا عذابا فى الاخرة فذلك الذي تكفره الصلاة ما لم تبلغ الكبائر والفواحش والوجه الاخر هو الذنب العظيم الذي يلم به المسلم مرة فيتوب منه قلت وقول الكلبي هذا ليس قولا مغايرا للاقوال والا يلزم عموم المشترك أو الجمع بين الحقيقة والمجاز بل هو اختيار للقولين الأولين على وجه الاحتمال كما روى القولين المذكورين عن أبى أبى هريرة وابن عباس رض واللّه تعالى أعلم إِنَّ رَبَّكَ واسِعُ الْمَغْفِرَةِ يغفر لمن يشاء ما يشاء من الذنوب صغائرها وكبائرها بتوبة وبلا توبة عقب اللّه تعالى وعيد المسيئين ووعد المحسنين بهذه الآية لئلا ييئس صاحب الكبيرة من رحمته ولا يتوهم وجوب العقاب على اللّه تعالى كما قال به أهل الهواء من المعتزلة أخرج أبو نعيم عن على رض قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ ان اللّه تبارك وتعالى اوحى إلى بنى من أنبياء بنى إسرائيل قل لاهل طاعتى من أمتك ان لا يتكلوا على أعمالهم فانى لا اناصب عند الحساب يوم القيامة ما شاء ان أعذبه إلا عذبته وقل لاهل معصبتى من أمتك لا تلقوا بايديهم فانى اغفر الذنوب العظيمة ولا أبالي واللّه تعالى
اعلم ثم عقب ذلك قوله هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ أى بصنيعكم وسعادتكم وشقائكم وما يصير إليه أموركم وافعل هاهنا بمعنى الفعيل إذ لا اعلم لاحد غير اللّه تعالى بما يصدر من الإنسان قبل وجوده كما يدل عليه قوله تعالى إِذْ أَنْشَأَكُمْ أى انشأ أباكم آدم مِنَ الْأَرْضِ فان علمه تعالى بالأشياء قديم وقد قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ كتب اللّه تقادير الخلائق قبل ان يخلق السموات والأرض بخمسين الف سنة قال وعرشه على الماء رواه مسلم من حديث عبد الله
بن عمرو قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ ان أول ما خلق اللّه القلم فقال له اكتب قال ما اكتب قال اكتب القدر فكتب ما كان وما هو كاين إلى الابد رواه الترمذي من حديث عبادة بن الصامت وقال هذا حديث غريب اسناده وقال رسول اللّه ـ ﷺ ـ


الصفحة التالية
Icon