ج ٩، ص : ١٣١
قربه وذاته هو الصمد الذي لا يتعمق فيه النظر ونفى الفكرة فى ذاته تعالى لا ينافى الوصول إليه بلا كيف بل قوله تعالى وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ المنتهى يقتضى نهاية السير إلى الذات البحت فى اللّه فى اصطلاح الصوفية انما هو السير فى الصفات والشيون والاعتبارات دون الذات البحت المعبر باللاتعين لكن هاهنا سير نظرى على ما حققه المجدد وقال اكثر المفسرين معنى الآية ان منتهى الخلق ومصيرهم إلى اللّه تعالى وقيل منه ابتداء المنة واليه انتهاء الآمال واللّه تعالى أعلم.
وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى يعنى خلق كل ما يعمله العباد حتى الضحك والبكاء قال عطاء بن أبى مسلم يعنى افرح واحزن وقال مجاهد اضحك أهل الجنة فى الجنة وابكى أهل النار فى النار وقال الضحاك اضحك الأرض بالنبات وابكى السماء بالمطر روى البغوي بسنده عن جابر بن سمرة قال كان اصحاب النبي ـ ﷺ ـ يحلون فيتناشدون الشعر ويذكرون أشياء من امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم معهم إذا ضحكوا يعنى النبي ـ ﷺ ـ ورواه مسلم بلفظ كانوا يتحدثون فياخذون فى امر الجاهلية فيضحكون ويتبسم ـ ﷺ ـ وفى رواية الترمذي يتناشدون الشعر روى البغوي فى شرح السنة عن قتادة قال سئل ابن عمر هل كان اصحاب رسول اللّه ـ ﷺ ـ يضحكون قال نعم والايمان فى قلوبهم أعظم من الجبل وقال بلال بن سعد يشتدون بين الأغراض ويضحك بعضهم إلى بعض فإذا كان الليل كانوا رهبانا - وروى البخاري عن عائشة ما رايت النبي ـ ﷺ ـ مستجمعا ضاحكا حتى ارى منه لهواته انما كان يتبسم وفى الصحيحين عن جرير قال ما حجبنى النبي ـ ﷺ ـ منذ أسلمت ولارانى الا تبسم وروى الترمذي عن عبد اللّه بن الحارث بن جزء قال ما رايت أحدا اكثر تبسما من رسول اللّه ـ ﷺ ـ وروى البخاري عن أبى هريرة قال قال أبو القاسم ـ ﷺ ـ والذي نفسى بيده لو تعلمون ما اعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا وكذا روى أحمد والترمذي وابن ماجة عن أبى ذر وزادوا ما تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم إلى الصعدات تحادون إلى اللّه.
وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا ما لا روح فيه كالنقطة لنطفة جعله حيوانا والبذر جعله شجرا وقيل أمات الآباء وأحيا الأبناء وقيل أمات الكافر بالنكرة واحياء المؤمن بالمعرفة.
وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى من كل حيوان.
مِنْ نُطْفَةٍ إِذا تُمْنى ص أى تصب فى الرحم يقال منى الرجل وامنى قاله الضحاك وعطاء بن أبى رباح وقال آخرون إذا يقدر قال منيت الشيء إذا قدرته.
وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى قرأ ابن كثير وأبو عمرو النشاة بالمد والباقون بسكون الشين بلا مدوهما مصدران