ج ٩، ص : ١٣٧
ولا يحسن مررت برجال قايمين غلمانهم لأنه ليس على صيغة يشبه الفعل يعنى ذليلا أبصارهم حال من فاعل يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ أى القبور كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ فى الكثرة والتموج والانتشار فى الامكنة الجملة أيضا حال من فاعل يخرجون.
مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ قرأ ابن كثير الداعي بإثبات الياء فى الحالين ونافع وأبو عمرو فى الوصل فقط يعنى مسرعين مادى أعناقهم إلى صوت الداعي أو ناظرين إليه يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ صعب شديد جملة مستانفة.
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ أى قبل قومك قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا نوحا عليه السلام تنازع الفعلان فى المفعولية فاعمل الثاني وحذف من الأول والمعنى كذبت قوم نوح نوحا عليه السلام فكذبوه تكذيبا بعد تكذيب كلما مضى منهم قرن مكذب جاء قرن اخر فكذبوه وهذا إلى الف سنة الا خمسين عاما وجازان يقدر المحذوف غير المذكور فلا يكون من باب التنازع والمعنى كذبوه بعد ما كذبوا الرسل وجاز ان ينزل الفعل منزلة اللازم ولا يقدر المفعول فلا يكون من باب التنازع والمعنى صدر التكذيب قبلهم من قوم نوح فكذبوا نوحا والفاء حينئذ للتفصيل بعد الإجمال وَقالُوا عطف على كذبوا مَجْنُونٌ خبر مبتدا محذوف أى هو وَازْدُجِرَ اما عطف على مجنون يعنى قالوا هو مجنون وازدجرته الجن فخبطته وذهب بعقله كذا قال مجاهد أو عطف على قالوا يعنى وازدجروه عن التبليغ بانواع الاذية وقالوا لئن لم تنته يا نوح لتكونن من المرجومين - أخرج عبد بن حميد عن مجاهد واحدا منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه فيفيق ويقول اللّهم اغفر لى لقومى فانهم لا يعلمون وكذا أخرج أحمد فى الزهد من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير.
فَدَعا نوح رَبَّهُ بعد ما اوحى إليه انه لن يؤمن من قومك الا من قدا من فلا تبتئس بما كانوا يفعلون أَنِّي مَغْلُوبٌ أى بانى مغلوب غلبنى قومى فَانْتَصِرْ أى فانتقم لى منهم لعذاب لبعتهم وقال رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا انك ان تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا الا فاجرا كفارا.
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ منصب انصبابا شديدا لم ينقطع أربعين يوما وقيل معناه بماء طبق ما بين السماء والأرض.
وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً تميز من النسبة والمعنى فجرنا عيون الأرض لكن غير للمبالغة كأنَّه قال جعلنا الأرض كلها عيونا منفجرة فَالْتَقَى الْماءُ يعنى الافتعال بمعنى التفاعل وذلك يقتضى تعدد الفاعل لكن الماء اسم يطلق