ج ٩، ص : ١٥٢
فانهما مستعدان لصعود مدارج القرب والتجليات والمناسب لهذا المعنى ان يقال فى تاويل قوله تعالى سَنَفْرُغُ لَكُمْ انا نخلوا بكم خلوة لا يكون يقره من يخلو به هناك مدخل عن أبى ذر عن العقيلي قال قلت يا رسول اللّه أكلنا يرى ربه مخليا به يوم القيامة قال بلى قلت وما اية ذلك فى خلقه قال يا أبا ذر أليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به قال بلى قال فانما هو خلق من خلق اللّه واللّه أجل وأعظم رواه أبو داود واحسن قول الشاعر بالفارسية
جهانى مختصر خواهم كه دروى همين جاى من وجاى تو باشد
-.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ الأمر ظاهر على تاويل المتأخرين كان المراد بالفراغ التهديد ونحو ذلك فالمعنى انه فلا تكذبا بآلاء ربكما فان التكذيب يوجب التعذيب والمراد بالآلاء كل نعمة بالإنسان وان لم يكن شيئا منها مذكورا فى الآية وقيل التهديد أيضا نعمة يتزجر به المكلف وهذا تكلف.
يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أى ان قدرتم ان تخرجوا من جوانب السموات والأرض هاربين من اللّه فارين من قضائه فَانْفُذُوا فاخرجوا امر تعجيز وقيل معناه ان استطعتم ان تهربوا من الموت بالخروج من أقطار السموات والأرض فاهربوا واخرجوا والمعنى حيثما كنتم يدرككم الموت وقيل يقال هذا يوم القيامة أخرج ابن جرير وابن مبارك عن الضحاك قال إذا كان يوم القيامة امر اللّه السماء الدنيا فتشققت باهلها فيكون الملائكة على أرجائها حين يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن عليها ثم الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة فصفوا صفا دون صف فينزل الملك الا على بجنته اليسرى جهنم فإذا راها أهل الأرض ندوا فلا يأتوا قطرا من أقطار الأرض الا وجدوا سبعة صفون من الملائكة فرجعوا إلى المكان الذي كانوا فيه وذلك قوله تعالى إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ وقوله تعالى وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا وَجِي ءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ وقوله تعالى يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا وقوله تعالى وَانْشَقَّتِ السَّماءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ واهِيَةٌ وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها يعنى ما نشقق منها فبينما كذلك إذا سمعوا الصوت فاقبلوا إلى الحساب لا تَنْفُذُونَ أى لا تقدرون على النفوذ والخروج إِلَّا بِسُلْطانٍ ج أى الا بقوة وقهر وانى لكم ذلك أو المعنى الا بسلطان منى فانه لا قدرة لاحد الا مستفادة من اللّه تعالى لا حول ولا قوة الا باللّه كما ان النبي ـ ﷺ ـ نفذ ببدنه ليلة المعراج من السموات السبع إلى سدرة المنتهى والصوفي ينفذ من دايرة الإمكان