ج ٩، ص : ١٩١
أسخط على ربى وانى عن ربى راض وكذا روى الواحدي فى تفسيره قلت هذه الآية بمنطوقه تدل على افضلية السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار على من أمن بعد الفتح وأنفق حينئذ وبمفهومه وسياقه يدل على افضلية الصديق على ساير الصحابة وافضلية الصحابة على سائر الناس فان مدار الفضل على السبقة فى الإسلام والانفاق والجهاد كما يدل عليه قوله عليه الصلاة والسلام من سن حسنة فاجرها واجر من عمل بها من غير ان ينقص من أجورهم شىء وقد اجمع العلماء على ان أبا بكر أول من اسلم واظهر إسلامه على يده اشراف قريش وأول من أنفق الأموال العظام فى سبيل اللّه وأول من احتمل الشدائد من الكفار ومن ثم قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ مالا حد عندنا يد الا وقد كافيناه ما خلا أبى بكر فان له عندنا يد يكافيه اللّه تعالى بها يوم القيامة وما نفعنى مال أحد قط ما نفعنى مال أبى بكر رواه الترمذي من حديث أبى هريرة وعن ابن الزبير عن أبيه قال اسلم أبو بكر وله أربعون الفا أنفقها كلها على رسول اللّه ـ ﷺ ـ وفى سبيل اللّه رواه أبو عمر وروى البخاري فى حديث طويل ثم يدا لابى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرأ القرآن وروى البخاري ان عقبة بن معيط لما راى النبي ـ ﷺ ـ يصلى جعل رداءه فى عنقه وخنقه فاطلع أبو بكر فدفع عنه وقال أتقتلون رجلا ان يقول ربى اللّه وقد جاءكم بالبينات وروى أبو عمر نحوه وزاد فاخذ الكفار أبا بكر فضربوه ضربا شديدا فلما رجع أبو بكر إلى داره فكان كلما وضع يده على شعره سقط شعره مع يده ويقول تباركت يا ذا الجلال وروى أبو عمرو فى الاستيعاب انه أعتق أبو بكر سبعة كانوا يعذبون فى اللّه منهم بلال وعامر بن فهيرة وقال أبو اسحق انه لما اسلم أبو بكر اظهر إسلامه ودعى الناس إلى اللّه
عز وجل والى رسوله وكان أبو بكر رجلا مولفا لقومه مجيبا سهلا فجعل يدعو إلى الإسلام
من وثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه فاسلم بدعائه فيما بلغني عثمان بن عفان رئيس بنى عبد الشمس وزبير بن العوام رئيس بنى اسد وسعد ابن أبى وقاص وعبد الرحمن بن عوف رئيسا لبنى زهرة وطلحة بن عبد اللّه رئيس بنى تميم فجاء بهم إلى رسول اللّه ـ ﷺ ـ حين استجابوا له واسلموا وصلوا وانكسر شوكة قبائل قريش بإسلامهم قال أبو الحسن الأشعري تفضيل أبى بكر على غيره من الصحابة قطعى قلت قد اجمع عليه السلف وما حكى عن ابن عبد البر ان السلف اختلفوا فى تفضيل أبى بكر وعلى فهو شىء غريب الفرد به عن غيره ممن هو أجل منه علما واطلاعا منهم الشافعي وقد ذكرنا ادلة تفضيل الشيخين نقلا وعقلا فى السيف المسلول


الصفحة التالية
Icon