ج ٩، ص : ٢٣٦
وكانت النخلة الواحدة ثمنها ثمن رصيف وأحب إليهم من رصيف أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها كما فعل عبد اللّه بن سلام فَبِإِذْنِ اللَّهِ خبر مبتداء محذوف يعنى فقطعه وتركه بإذن اللّه ليس فى شىء من ذلك اثم أخرج البخاري عن ابن عمران رسول اللّه ـ ﷺ ـ حرق نخل بنى نضير وقطع وهى البويرة هذه الآية كذا روى اصحاب الكتب وأخرج أبو يعلى بسند ضعيف عن جابر قال رخص وقطع النخل ثم شدد عليهم فاتوا النبي ـ ﷺ ـ قالوا يا رسول اللّه هل علينا اثم فيما قطعنا وتركنا فانزل اللّه هذه الآية وَلِيُخْزِيَ اللّه بالاذن فى القطع الْفاسِقِينَ اليهود عطف على بإذن اللّه وعلة لمحذوف والجملة معطوفة على جملة تقريره وفعلتم أو اذن لكم لنخزى هم على فسقهم بما غاظهم منه (مسئله) من هاهنا قال أبو حنيفة رح إذا حاصر الامام حصنا للكفار جاز ان يقطع أشجارهم ويفسد زروعهم وهدم بيوتهم ويحرقها قال ابن همام هذا إذا لم يغلب على الظن انهم ماخذون بغير ذلك فان كان الظاهر انهم مغلوبون وان الفتح لا بد منه كره ذلك لأنه إفساد وفى غير محل الحاجة وما أبيح الا لها وقال أحمد لا يجوز قطع أشجارهم الا بأحد الشرطين أحدهما ان يفعلوا بنا مثل ذلك ثانيهما ان يكون لنا حاجة إلى قطع ذلك لنتمكن من قتالهم وقال الشافعي يجوز إتلاف بنائهم وشجرهم لحاجة القتال والظفر بهم وكذا ان لم يرج حصولها لنا فان رجى ندب الترك والدليل على جواز قطع الأشجار هذا الآية والحديثين المذكورين وما روى أحمد عن اسامة بن زيد قال بعثني رسول اللّه ـ ﷺ ـ إلى قرية قال أيتها صباحا ثم حرق قال ابن الجوزي احتجاجا لمذهبه انه قد روى أصحابنا ان النبي ـ ﷺ ـ كان إذا بعث جيشا قال لا تعود واعينا ولا تعقروا شجرا إلا شجر يمنعكم من القتال والحديثان يعنى حديث ابن عمر وحديث اسامة بن زيد محمولان على ما ذكرنا انتهى كلامه قلنا لا يجوز على ما ذكر ابن الجوزي لأن بنى نضير لم
يقطعوا أشجار المدينة قط ولا دليل على كون القطع لحاجة القتال بل الآية صريحة فى ان الأمر بالقطع كان لخزى الفاسقين وكبت اعداء اللّه وكسر شوكتهم لا لغرض اخر لكن الظاهر ان الفتح لم يكن غالبا فى الظن حين امر النبي ـ ﷺ ـ بقطع أشجارهم يدل على قوله تعالى ما ظننتم ان يخرجوا وظنوا ما نعتهم حصونهم وما روى اصحاب أحمد حجة على عدم جواز القطع ان صح لا يمكن ان يكون معارضا لكتاب اللّه المستلزم للجواز واللّه اعلم قال البغوي فلما ترك بنو النضير رياعهم وضياعهم طلب المسلمون تقسيمها بيتهم كما فعل لغنايم خيبر فبين اللّه تعالى حكمها وقال.
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ القى الرجوع وأفاء بمعنى عاد وقال الجوهري الفى الرجوع إلى حالة محمودة قال اللّه تعالى حَتَّى تَفِي ءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا... فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ولما كان الرجوع يقتضى سبق الملك قال البيضاوي