ج ٩، ص : ٢٧٤
ان المراد جنس النصرة والفتح فانهما يترتبان على السعى والمجاهدة من العبد قال اللّه تعالى ولينصرن اللّه من ينصره فان كان اخرى مرفوعا على الابتداء والخبر محذوف فقوله نصر وفتح بدل أو بيان وجاز ان يكون اخرى مبتداء وهذا خبره وعلى قول النصب والخبر هذا خبر مبتداء محذوف أى هى نصر وفتح والجملة صفة لاخرى أو استيناف وَبَشِّرِ أيها الرسول الْمُؤْمِنِينَ بما وعدهم عليها عاجلا واحدا عطف على محذوف تقديره قل يا محمد يايّها الذين أمنوا هل أدلكم وبشرهم أو على تؤمنون فانه فى معنى الأمر كأنَّه قال أمنوا وجاهدوا أيها المؤمنون وبشرهم أيها الرسول.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ أى أنصار دينه قرأ الكوفيون وابن عامر بالاضافة والحجازيون وأبو عمرو بالتنوين ولام فى للّه على ان المعنى كونوا بعض أنصار اللّه كَما قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ تشبيه باعتبار المعنى والمراد قل يا محمد يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصارَ اللَّهِ كَما قالَ عِيسَى أو كونوا أنصار اللّه كما كان الحواريون حين قال عيسى ابن مريم لِلْحَوارِيِّينَ قد مر تحقيق الحواريين فى سورة ال عمران مَنْ أَنْصارِي فتح الياء نافع وأسكنها الباقون أى جندى متوجها إِلَى اللَّهِ أى إلى نصر دينه قالَ الْحَوارِيُّونَ وهم أول من أمن به وكانوا اثنا عشر رجلا كما مر هناك نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ اضافة الأنصار إلى عيسى اضافة أحد المتشاركين إلى الاخرى لما بينهما من الاختصاص والاضافة إلى اللّه أى إلى دينه اضافة الفاعل إلى المفعول فَآمَنَتْ بعيسى طائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ اسبقهم إلى الايمان الحواريون وَكَفَرَتْ طائِفَةٌ معهم فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا بالحجة أو بالحرب عَلى عَدُوِّهِمْ بعد رفع عيسى عليه السلام فَأَصْبَحُوا ظاهِرِينَ غالبين قال البغوي قال ابن عباس لما رفع عيسى تفرق قومه ثلث فرق فرقة قالوا كان اللّه فارتفع وفرقة قالوا كان ابن اللّه فرفعه اللّه وفرقة قالوا كان عبد اللّه ورسوله فرفعه إليه واتبع كل فرقة منهم طائفة من الناس فاقتتلوا وظهرت الفرقتان الكافرتان على المؤمنين حتى بعث اللّه محمدا ـ ﷺ ـ فظهرت الفرقة المؤمنة على الكافرة وذلك قوله تعالى فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا قال وروى المغيرة عن ابراهيم قال أصبحت حجة من أمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد ـ ﷺ ـ ان عيسى كلمة اللّه وروحه قلت لكن عطف قوله تعالى فَآمَنَتْ وقوله تعالى فَأَيَّدْنَا وفَأَصْبَحُوا على قوله قال الحواريون بكلمة الفاء التي للتعقيب بلا تراخ يدل على ان
بعضهم كفر من بعض وتأيده اللّه تعالى للمؤمنين وظهورهم على الكافرين بعد قول الحواريين ذلك بلا مهلة واللّه تعالى أعلم.