ج ٩، ص : ٣٠٦
فامنت فامرتمونى ان اعطى زكوة مالى فقد أعطيت فما بقي الا ان اسجد لمحمد فانزل اللّه وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يستغفر لكم رسول اللّه لووا رؤسهم الآية ولما دخل ابن أبى المدينة لم يلبث الا أياما قلائل حتى اشتكى ومات (فائده) كانت تلك الوقعة فى شعبان سنة ست كذا قال ابن اسحق وبه جزم خليفة بن خياط والطبري وقال قتادة وعروة كانت فى شعبان سنة خمس وفى ذلك الوقعة تزوج رسول اللّه ـ ﷺ ـ جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار روى محمد بن اسحق واحمد وأبو داود ومحمد بن عمر عن عائشة قالت كانت جويرية امرأة حلوة ملاحة لا يكاد يراها أحدا لا أخذت بنفسه فبينا النبي ـ ﷺ ـ عندى على الماء إذ دخلت جويرية تساله فى كتابتها
فو اللّه ما هو ان زيتها فكرهت دخولها على النبي ـ ﷺ ـ وعرفت انه سيرى منها مثل الذي رايت فقالت يا رسول اللّه انى امرأة مسلمة اشهد ان لا اله الا اللّه وانك رسول اللّه وانا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار سيد قومه أصابنا من الأمر ما قد علمت ووقعت فى سهم ثابت بن قيس ابن شماس وابن عمه فتخلصنى من ابن عمه يتخلدت بالمدينة فكاتبنى على ما لا طاقة لى ولا بد ان وما اكرينى الا انى رجوتك ـ ﷺ ـ فاعنى فى مكاتبتى فقال رسول اللّه ـ ﷺ ـ أو خير من ذلك فقالت ما هو يا رسول اللّه قال أؤدي عنك كتابتك وأتزوجك فقالت نعم يا رسول اللّه قد فعلت فارسل رسول اللّه ـ ﷺ ـ إلى ثابت بن قيس فطلبها منه فقال ثابت هى لك بابى وأمي فادى رسول اللّه ـ ﷺ ـ ما كان من كتابتها وأعتقها وتزوجها وخرج إلى الناس ورجال بنى المصطلق قد اقتسموا وملكوا وطى نسائهم فقال المسلمون اصهار رسول اللّه ـ ﷺ ـ فاعتقوا ما بايديهم من ذلك الشيء قالت عائشة فاغتق ماية أهل بيت بتزويج رسول اللّه ـ ﷺ ـ إياها فلا امرأة أعظم بركة على قومها منها روى محمد بن عمر عن حرام بن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت جويرية رايت قبل قدوم النبي ـ ﷺ ـ بثلاث ليال كان القمر يسير من يثرب حتى وقع فى حجرى فكرهت ان أخبرها أحدا من الناس حتى قدم رسول اللّه ـ ﷺ ـ فلما سبينا رجوت الرؤيا فلما أعتقني وتزوجنى فو اللّه ما كلمت فى قومى حتى كان المسلمون هم الذين أرسلوهم وما شعرت الا بجارية من بنات عمى تخبرني الخبر فحمدت اللّه ثم روى الحافظ بن عايد انه اقبل الحارث بن أبى ضرار أبو جويرية فى فدائها فلما كان بالعقيق نظر إلى ابله التي يفدى بها ابنته فرغب فى بعيرين منها كانا من أفضلها تغيبهما فى شعب من شعاب العقيق ثم اقبل إلى رسول اللّه ـ ﷺ ـ فقال يا محمد أصبتم ابنتي وهذا فدائها فقال رسول اللّه ـ ﷺ ـ فاين البعيرين الذين غيبت بالعقيق يشعب كذا وكذا فقال الحارث اشهد انك رسول اللّه التفسير
المظهري، ج ٩، ص : ٣٠٧
ولقد كان منى فى البعيرين وما اطلع على ذلك الا اللّه تعالى فاسلم وروى محمد بن عمر فكان أبو سعيد يقول فقدم علينا وافدهم فافتدوا الذرية والنساء ورجعوا إلى بلادهم (فائده) فيما سبق من القصة ان النبي ـ ﷺ ـ دعاهم إلى الإسلام قبل القتال وروى الشيخان عن ابن عون كتبت إلى نافع اساله عن الدعاء قبل القتال فكتب إلى انما كان ذلك فى أول الإسلام قد أغار رسول اللّه ـ ﷺ ـ على بنى المصطلق وهم غارون وأنعامهم تسقى على الماء فقتل مقاتلهم وسبى ذراريهم الحديث وفيه حدثنى هذا الحديث عبد اللّه بن عمرو كان فى ذلك الجيش
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ عبد اللّه بن أبى وأصحابه قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ الشهادة اخبار عن علم من الشهود وهو الحضور والاطلاع ولذلك صدق اللّه سبحانه المشهود به وكذبهم فى الشهادة لعدم صدور ذلك الاخبار عن علم يقينى فقال وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ اللّه وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ فى اخبارهم ان هذا القول صادر عن علمهم وإذعانهم حتى يصدق على هذا القول لفظ الشهادة هذا على تقدير كون كلمة تشهد اخبار أو اما لو قيل انه إنشاء للشهادة فهو لا يحتمل الصدق والكذب والمشهود به اعنى قولهم انك لرسول اللّه كلام صادق ألبتة لا ريب فيه فمعنى قوله واللّه يشهد ان المنفقين لكاذبون انهم كاذبون فى زعمهم واللّه اعلم وزعم النظام من المعتزلة ان الصدق ما طابقته الاعتقاد والكذب ما لم يطابقه مستدلا بهذه الآية وليس كما قال.اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ يعنى حلفهم الكاذب أو شهادتهم هذه فانها من ألفاظ الحلف جُنَّةً وقاية عن القتل والسبي والجملة صفة لكاذبون أو مستانفة فَصَدُّوا صدودا أى اعرضوا وامتنعوا وصدوا صدا أى صرفوا ومنعوا الناس عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أى الدخول فى دين الإسلام إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ من نفاقهم وصدهم.
ذلِكَ الحال من النفاق واتخاذ الايمان جنة والصد بِأَنَّهُمْ أى بسبب انهم آمَنُوا ظاهرا عند المؤمنين ثُمَّ كَفَرُوا إذا خلو إلى شياطينهم أو أمنوا إذا رأو اية ثم كفروا إذا سمعوا من شياطينهم شبهة فَطُبِعَ عطف على كفروا يعنى طبع اللّه عَلى قُلُوبِهِمْ بحيث سلب عنها ادراك الحق فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ حقيقة الايمان الفاء للسببية.
وَإِذا رَأَيْتَهُمْ عطف على اتخذوا تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ ط لضخامتها وصباحتها وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ ط فتحسب انه صدق قال ابن عباس كان ابن أبى جسيما فصيحا ذلق اللسان فإذا قال سمع النبي ـ ﷺ ـ قوله كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ قرأ أبو عمرو والكسائي وقنبل بسكون