ج ٩، ص : ٣١٦
الأزواج والأولاد وأورد هناك من التبعيضية لأن بعض الأزواج والأولاد ليسوا كذلك ولم يورد من التبعيضية فى كونهم فتنة واختبارا لانها لا يخلو عن اشتغال القلب وقد ذكرنا فى سورة الجمعة فى حديث بريدة نزوله ـ ﷺ ـ حين راى الحسن والحسين يمشيان ويعثران وحمله إياهما وقوله صدق اللّه انما أموالكم وأولادكم فتنة أخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير قال لما نزلت اتقوا اللّه حق تقاته اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتفزحت جباههم فانزل اللّه تعالى تخفيفا للمسلمين.
فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ عطف على أمنوا وأطيعوا والفاء للسببية فان الايمان سبب للتقوى يعنى ابذلوا فى تقواه جهدكم وطاقتكم وَاسْمَعُوا مواعظه وَأَطِيعُوا أوامره وَأَنْفِقُوا أموالكم فى سبيله خالصة لوجهه خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ ط منصوب بفعل مقدر يعنى افعلوا ما هو خير لانفسكم من اموال وأولاد فهو تأكيد للحث على امتثال ما سبق من الأوامر أو منصوب على المفعولية بانفقوا الخير المال كما فى قوله تعالى كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت ان ترك خير الوصية أو هو صفة لمصدر محذوف يعنى إنفاقا أو خبر لكان المقدر جوابا للامر وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ سبق تفسيره فى سورة الحشر.
إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ اما تقدير المضاف يعنى ان تقرضوا عباد اللّه والمراد به صرف المال فى طاعة اللّه ورجاء من اللّه تعالى الثواب والجزاء قَرْضاً حَسَناً يعنى مقرونا بالإخلاص وطيب النفس بريا من الريا والسمعة والمن والأذى منصوب على المصدرية يُضاعِفْهُ لَكُمْ أى يجعله لكم عشرا إلى سبع مائة أو اكثر قال اللّه تعالى مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل اللّه كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة ماية حبة واللّه يضاعف لمن يشاء واللّه واسع عليم قرأ ابن كثير وابن عامر ويعقوب يضعف من التفعيل والباقون من المفاعلة وَيَغْفِرْ لَكُمْ ببركة الانفاق جملة ان تقرضوا تعليل الأمر بالاتفاق وَاللَّهُ شَكُورٌ يعطى الجزيل بالقليل حَلِيمٌ لا يعاجل بالعقوبة.
عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ يعنى لا يخفى عليه شىء مما غاب عن الناس وما يشاهدونه أو ما هو موجود الان وما وجد قبل ذلك وما سيوجد ولم يوجد بعد الْعَزِيزُ الغالب تام القدرة والعلم الاخبار الخمسة محمولة على اسم اللّه تعالى وجاز ان يكون عالم الغيب والشهادة خبر المبتدأ المحذوف اعنى هو الْحَكِيمُ.