ج ١٠، ص : ٤٢
الذين لم يكونوا مصلين أصلا أو لم يكونوا مصلين بجماعة الا اتقاء كأهل الهواء من الروافض وغيرهم أو كانوا يسجدون رياءا للناس من غير اخلاص فى العمل فان قيل قد ورد فى بعض طرق حديث أبى هريرة وغيره فإذا لم يبق الا المؤمنون وفيهم المنافقون جاءهم اللّه الحديث إلى قوله فيكشف لهم عن ساق ويتجلى لهم من عظمته ما يعرفون انه ربهم فيخرون ساجدين على وجوههم ويخر كل منافق على قفاه ويجعل اللّه أصلابهم كصياصى البقر قلنا الظاهر بالمنافق هاهنا المنافق فى الأعمال وفروع العقائد دون المنافق فى اصول الاعتقادات إذ المنافق فى اصول الاعتقادات أولئك هم الكافرون حقا بل أشد كفراوهم فى الدرك الأسفل من النار وهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون فكيف يكون لهم ذلك الكرامة من روية اللّه تعالى وقد ورد فى الأحاديث لفظ المنافق فى حق العصاة حيث قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ اربع من كن فيه منافق خالصا ومن كان فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجر متفق عليه من حديث عبد اللّه بن عمرو فى الصحيحين عن أبى هريرة مرفوعا اية المنافق ثلث رواه مسلم وان صام وصلى وزعم انه مسلم ثم اتفقا إذا حدث كذب وإذا وعد خاف وإذا ائتمن خان.
خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ الخشوع صفة للذوات أسند إلى الابصار تجوز الظهوره فيها تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ أى يلحقهم ذلة وَقَدْ كانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فى الدنيا فلم يسجدوا كما أمرهم اللّه بالإخلاص وَهُمْ سالِمُونَ عن كون ظهورهم طبقة واحدة حال من فاعل يدعون الثاني وقوله تعالى خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة وقد كانوا يدعون كلها احوال من فاعل يدعون الأول وفى قوله تعالى وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون تعليل لعدم استطاعتهم على السجود فى الاخرة.
فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ معطوف على الضمير المنصوب فى ذرنى أو مفعول بِهذَا الْحَدِيثِ القرآن جملة فذرنى معترضة لوعيد الكفار وتسلية النبي صلى اللّه عليه وسلم أى لا تغتم وكله إلى فانى أكفيكه سَنَسْتَدْرِجُهُمْ الضمير المنصوب راجع إلى من اعتبارا بمعناه الدرج طى الكتاب والثوب يقال للمطوى ورجى استعير الدرج للموت كما استعير الطى له كذا قال الجوهري وقال قوله تعالى سنستدرجهم قيل معناه سنطويهم طى الكتاب عبارة عن إغفالهم


الصفحة التالية
Icon