ج ١٠، ص : ٦١
فاسئلوه الفردوس رواه الترمذي وعن أبى هريرة نحوه وفيه ما بين الدرجتين مائة عام وعن أبى سعيد الخدري ان رسول اللّه ـ ﷺ ـ قال ان أهل الجنة يتراوون أهل العرف من بينهم كما تراوون الكواكب الدري الغابر فى الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم قالوا يا رسول اللّه ـ ﷺ ـ تلك ينال الأنبياء لا يبلغها غيرهم قال بلى والذي نفسى بيده رجال أمنوا باللّه وصدقوا المرسلين متفق عليه وقال ابن مسعود ذى السموات سماها معارج لأن الملائكة يعرج فيها وقال قتادة ذى الفواضل.
تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ قرأ الكسائي يعرج بالياء على التذكير والباقون بالتاء على التأنيث والجملة صفة للمعارج على طريقة ولقد امر على اللئيم يسبنى والرابط محذوف أى تعرج فيها الملائكة والروح إليه والروح جبرئيل عليه السلام وأفرده لفضله أو أعظم خلق من الملائكة قلت ويحتمل ان يكون المراد بالروح روح البشر الذي هو من عالم الأمر فان أرواح البشر من الأولياء والأنبياء تعرج من خفض البعد والغفلة إلى معارج القرب والحضرة إِلَيْهِ أى إلى اللّه سبحانه أو إلى عرشه فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ج الظرف متعلق بمحذوف دل عليه واقع أى يقع العذاب بهم فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة يعنى يوم القيامة كذا أخرج البيهقي عن عكرمة عن ابن عباس وقال يمان يوم القيامة فيه خمسين موطنا كل موطن الف سنة روى الشيخان فى الصحيحين عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ ما من صاحب كنز لا يؤدى زكوة الكنز الا احمى عليه فى نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم اللّه بين عباده فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة ثم يرى سبيله اما إلى الجنة واما إلى النار وما من صاحب ابل لا يودى زكوتها الا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقركا وفرما كانت تستن عليه لا يفقد منها - فصيلا واحدا يطأ بأخفافها وتعضه بأفواهها كلما مر عليه أوليها رد عليه أخريها فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما إلى الجنة واما إلى النار وما من صاحب غنم لا يودى زكوتها الأبطح له بقاع فرقر لا يفقد منها شيئا ليس فيها عقصاء ولا جلجاء ولا غضباء تنطحه بقرونها وتطأه باظلافها كما مر عليه أوليها رد عليه أخريها فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله اما إلى الجنة واما إلى النار وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي بسند حسن عن أبى سعيد التفسير المظهري،
ج ١٠، ص : ٦٢
قال سئل رسول اللّه ـ ﷺ ـ عن يوم كان مقداره خمسين الف سنة ما أطول هذا اليوم فقال والذي نفسى بيده انه ليخفف على المؤمن حتى يكون أهون من الصلاة المكتوبة يصليها فى الدنيا قلت فعلى هذا التأويل لا تصادم بين هذه الآية وبين قوله تعالى فى تنزيل السجدة يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون إذ معناه يحكم اللّه تعالى بالأمر وينزل به جبرئيل من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه جبرئيل فى يوم من ايام الدنيا وكان قدر سيره الف سنة خمسمائة سنة نزوله وخمسمائة عروجه لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام يعنى لو سار تلك المسافة واحد من بنى آدم لم يقطعه الا فى الف سنة لكن الملائكة يقطعون فى يوم واحد بل فى ادنى زمان أخرج البيهقي من طريق أبى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى تعرج إليه فى يوم كان مقداره الف سنة مما تعدون قال هذا فى الدنيا تعرج الملائكة فى يوم كان مقداره الف سنة وفى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة قال هذا يوم القيامة جعله اللّه تعالى على الكافرين مقدار خمسين الف سنة وقيل المراد من الآيتين يوم القيامة يكون على بعضهم أطول وعلى بعضهم اقصر حتى يكون على المؤمنين أهون من الصلاة المكتوبة كما مر وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبى هريرة مرفوعا وموقوفا يكون على المؤمنين كمقدار ما بين الظهر والعصر وحينئذ معنى قوله تعالى يدبّر الأمر من السماء إلى الأرض مدة ايام الدنيا ثم يعرج أى يرجع الأمر والتدبير إليه بعد فناء الدنيا وانقطاع امر الأمراء وحكم الحكام فى يوم كان مقداره الف سنة وقيل الظرف فى هذه الآية اعنى قوله تعالى فى يوم كان مقداره خمسين الف سنة متعلق بيعرج كما هو متعلق فى سورة التنزيل ووجه الجمع بين الآيتين ان المراد فى اية سورة التنزيل انه يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه من الأرض إلى السماء فى يوم وقدر مسيره
الف سنة لأن ما بين السماء والأرض خمسمائة عام فصار نزوله وعروجه الف سنة والمراد فى هذه السورة مدة المسافة من منتهى الأرض السابعة إلى منتهى أعلى السموات فوق السماء السابعة قال البغوي روى ليث عن مجاهد ان مقدار هذا خمسين الف
سنة وقال محمد بن اسحق لو سار ابن آدم من الدنيا إلى موضع العرش سيرا طبيعنا له سار خمسين الف سنة ومن هاهنا قالت الصوافية العلية ان فناء القلب الذي يحصل للصوفى بالجذب من اللّه تعالى بتوسط النبي ـ ﷺ ـ والمشائخ لو أراد