ج ١٠، ص : ٨٨
الجن أمثالكم فمنهم قدرية ومرجية ورافضية وغير ذلك وقولهم فيما بينهم انا منا الصالحون إلخ تمهيد لما سياتى من قولهم انا ظننا ان لن نعجز اللّه الآية وانا لما سمعنا الهدى الآية يعنى ان الايمان والتصديق ليس امرا مبدعا منا بل كان الجن قبل ذلك طرائق قددا بعضهم كانوا صالحين وبعضهم دون ذلك وانا ان اتبعنا السفيه فى القول فى الشطط لكنا لما سمعنا قرانا ظننا ان لن نعجز اللّه وسمعنا الهدى وأمنا به كما كان بعض أسلافنا مومنين.
وَأَنَّا ظَنَنَّا أى علمنا وتيقنا بتعليم اللّه تعالى فى القرآن وهدايته أو المعنى كنا نظن ذلك قبل هذا أو المعنى كنا نتيقن ذلك بعلمنا ما فى التورية أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ أى لن تفوته ان أراد بنا سوأ وكائنا فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً أى هاربين من الأرض إلى السماء ان طلبنا مهربا وهذا على كونه حالا من فاعل نعجز ويحتمل ان يكون مفعولا مطلقا بمعنى تهرب هربا أو مفعولا له أى نعجزه للهرب أو ظرفا أى نعجزه فى الهرب أو تميزا من نسبة الفاعل أى نعجزه هربها.
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى أى القرآن فانه موجب للهدى آمَنَّا بِهِ فامنوا به أنتم أيضا يا قومنا معاشر الجن فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ شرط والفاء للسببية والجزاء ما بعده فَلا يَخافُ خبر مبتداء محذوف أى فهو لا يخاف بَخْساً نقصا فى الثواب وَلا رَهَقاً أى ولا ان ترهقه وتغشياه ذلة أو المعنى لا يخاف جزاء نقص فى الطاعات ولا جزاء له رهوق ظلم أى غشيان ظلم لأن من حق الايمان بالقران ان يحبب ذلك.
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ الأبرار وَمِنَّا الْقاسِطُونَ ط أى الجائرون عن الحق يقال اقسط الرجل إذا عدل وقسط إذا جار فهو قاسط انما ذكر هذه الجملة مع ذكر مفهون فيما سبق بقوله وانا منا الصالحون ومنا دون ذلك ليكون تمهيد التفصيل حال الفريقين والمقصود هاهنا تفصيل الحال وفيما سبق التفرق فحسب لدفع كون الإسلام امرا مبدعا ويحتمل ان يكون الذين يستمعون القرآن بعضهم اسلموا وبعضهم لم يسلموا وهذا مقولة المسلمين منهم لما رجعوا إلى قومهم فَمَنْ أَسْلَمَ باللّه ورسله فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً قصدوا طريقا موصلا إلى الفلاح.
أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
توقد بهم جهنم كما توقد النار بالحطب وهذه الجمل السبعة من قوله تعالى وانا لمسنا السماء إلى قوله وانا منا المسلمون فمن اسلم إلخ لا شك انها من كلام الجن فلا غبار على قراءة انا بالكسر واما على قراءة الفتح فلا بد ارتكاب تكلف


الصفحة التالية
Icon