ج ١٠، ص : ٩٠
حول الجنة فى ربض ورحاب وليسوا فيها احتج القائلون بثواب الجن بالعمومات ان الذين أمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا ونحو ذلك بالخطابات الواردة فى سورة الرحمن حيث قال اللّه تعالى ولمن خاف مقام ربه جنتان فباى آلاء ربكما تكذبان حور مقصورات فى الخيام فباى آلاء ربكما تكذبن لم يطمئهن أنس قبلهم ولا جان فباى آلاء ربكما تكذبان قالت الحنفية فى الجواب ان العمومات محمولة على الانس بدلالة العرف فان أهل العرف لا يفهمون منه الا الانس واما الخطابات فى سورة الرحمن بقوله فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ط توبيخ للجن وللانس على مطلق التكذيب بآلاء اللّه سبحانه لايما ذكر قبل تلك الآية خاصة كيف وذلك لا يتصور فى مثل قوله تعالى يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران فباى آلاء ربكما تكذبان يعرف للجرمون بسيماهم فيوخذ بالنواصي والاقدام فباى آلاء ربّكما تكذبان ونحو ذلك وقد ذكر من الآلاء ما هى مختصة بالانس دون الجن حيث قال وله الجوار المنشأت فى البحر كالاعلام فباى آلاء ربكما تكذبان فيحتمل ان يكون نعيم الجنة مختصة بالانس وخوطب الثقلين بها توبيخا على تكذيب الطائفتين مطلق الآلاء والصحيح عندى ما قاله الجمهور وبه قال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله
تعالى قال من اثبت الثواب فقوله مبنى على دليل وشهادة على الإثبات فيقبل بخلاف قول أبى حنيفة فانه متوقف بناء على عدم بدليل ولا شك ان قول ابن عباس واقوال عمرو بن عبد العزيز ونحوه من ثقات الصحابة والتابعين لها حكم الرفع وقد أخرج البيهقي عن أنس رض عن النبي صلى اللّه تعالى عليه وآله وسلم مرفوعا ان مومنى الجن لهم ثواب وعليهم عقاب فسالنا عن ثوابهم وعن مومنهم فقال على الأعراف وليسوا فى الجنة فسألنا وما الأعراف قال خارج الجنة تجرى فيه الأنهار وتنبت فيه الأشجار والأثمار واللّه تعالى أعلم.
وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا ان مفتوحة بإجماع القراء مخففة من المثقلة واسمها ضمير الشأن محذوف وجملة الشرطية خبرها والجملة معطوفة على انه استمع نفر من الجن والمعنى انه اوحى إلى انه لو استقاموا أى الجن والانس عَلَى الطَّرِيقَةِ المرضية للّه تعالى وهى دين الإسلام والفطرة التي فطر الناس عليها لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً أى كثيرا قال مقاتل نزلت هذه الآية بعد ما رفع عنهم المطر سبع سنين وقيل المراد من الماء الغدق الرزق الواسع على التجوز لأن الماء سبب للرزق كما أريد من الرزق المطر فى قوله تعالى وما انزل اللّه من السماء من رزق فاحيا به الأرض والمعنى لاعطينهم مالا كثيرا وعيشا رغدا وهذه الآية فى المعنى قوله تعالى ولو انهم أقاموا التورية والإنجيل وما انزل إليهم من ربهم لاكلون من فوقهم ومن تحت أرجلهم