ج ١٠، ص : ١٠٧
والخلوة لكنه قد يكون عند الصوفي على خلاف الطبع فيثقل عليه ويزعمه الصوفي فى بادى الرأي ان هذا أحط مرتبة من التوجه إلى اللّه تعالى والخلوة به ولهذا قيل الولاية به أفضل من النبوة يعنى ولاية النبي أفضل من نبوة ذلك النبي زعما من القائل ان فى الولاية التوجه إلى اللّه سبحانه وفى النبوة التوجه إلى الخلق وقال المجدد الف ثانى رضى اللّه عنه ليس هذا القول مبنيا على التحقيق بل النبوة مطلقا أفضل من الولاية وهى عبارة عند الصوفية عن السير فى الذات والولاية عن السير فى الصفات و
شتان ما بينهما والتوجه إلى اللّه سبحانه تعالى يسمى فى الاصطلاح بالعروج والى الخلق يسمى بالنزول وكلاهما يعترضان للصوفى فى كلا السيرين غير ان النازل فى مقام الولاية وان كان له توجها إلى الخلق لكنه لم يبلغ فى العروج غاية فهو ملتفت إلى الأعالي طمعا لغاية الكمال والنازل فى مقام النبوة لا يكون نازلا الا بعد ما يبلغ الكتاب فى الكمال اجله فهو بكلية يتوجهه إلى الخلق للتكميل على مراد اللّه سبحانه تعالى وان كانت على خلاف مراده وطبعه فهو أفضل وأكمل وهذا الجهاد باق ما دامت هذه النشأة الثانية الباقية وبعد فراغ منها يتادى باملهم إلى الرفيق الأعلى فحينئذ يتوجه بكليته إلى الدرجات العلى بأجره واجر من اهتدى به على سبيل الأكمل والا وفى واللّه تعالى أعلم وجملة انا سنلقى اما تذئيل وتأكيد لما سبق كما ذكرنا أو معترضة لبيان الحكمة فى الأمر بقيام الليل فان فى القيام تمرين النفس على المشفة ومشق مخالفات الطبع أو لأن الصلاة كانت قرة للنبى صلى اللّه عليه وسلم حيث قال جعلت قرة عينى فى الصلاة رواه أحمد والنسائي والبيهقي عن أنس وقال أقم الصلاة يا بلال أرحنا به رواه أبو داود عن رجل صحابى عن خزاعة فحينئذ يكون فى التهجد تحصيل ما يعالج به ثقل التوجه إلى الخلق أو لأن لقيام الليل تأثير التأثر نفسه لشريعة فى نفوس الامة كى يجيبوا دعوته حين يستمعوا قوله كما أجاب الجن دعوته حين يستمعوا القرآن أو لأن لقيام الليل مدخل فى قيامه مقام الشفاعة لأنه حيث قال اللّه تعالى ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا.
إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ أى قيام الليل مصدر جاء على فاعلة كعافية بمعنى العفو كذا قال الأزهري وقالت عائشة الناشية قيام الليل بعد النوم فهو بمعنى التهجد وقال ابن كيسان هى القيام من اخر الليل وقال سعيد بن جبير وابن زيد أى ساعة قام من الليل فقد نشأ وهو بلسان الحبش نشأ فلان أى قام وقال عكرمة هى القيام من أول الليل قال البغوي روى عن على بن الحسين رضى اللّه تعالى عنهما انه كان يصلى بين المغرب والعشاء الاخرة يقول


الصفحة التالية
Icon