ج ١٠، ص : ١٦١
عليهم الشراب فيأبون قبوله منهم ويقولون لقد طال أخذنا من الوسائط فإذا هم بكأسات تلاقى أفواههم بغير اكف من غيب إلى عبد ويؤيد هذا القول ما أخرج ابن أبى الدنيا بسند جيد عن أبى امامة قال ان الرجل من أهل الجنة يشتهى الشراب من شراب الجنة فيقع فى يده فيشرب ثم يعود إلى مكانه قال الشيخ الاجل يعقوب الكرخي رض ان السابقين المقربين يعطون الكاسات من تحت العرش بلا واسطة والمقتصدين يعنى الأبرار يعطيهم الملائكة وغيرهم من أهل الجنة يعنى الذين دخلوها بعد المغفرة أو العذاب يعطيهم الولدان انتهى قلت و
هذه الآيات اخبار عن شان الأبرار فلعلهم يعطون الكاسات تارة بتوسط الولدان وتارة بتوسط الملائكة وتارة بلا توسط واما المقربون فلعلهم يعطون بلا توسط غالبا.
إِنَّ هذا النعيم كانَ لَكُمْ جَزاءً لاعمالكم وَكانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً ع محمودا مقبولا مرضيا عندنا مجازا فقال فهذا قول لهم من اللّه تعالى كأنهم شكر لهم من اللّه تعالى حيث لم يريدوا مشكورا من غيره تعالى من المسكين واليتيم قلت جعل اللّه سبحانه نعيم الجنة جزاء لاعمالهم تفضلا لهم والا فأى عمل يتصور ان يكون جزاءه كذلك.
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا ج قال ابن عباس يعنى متفرقا اية بعد اية ولم ينزل جملة واحدة وتأكيد الجملة بتقديم المسند إليه على الجزاء الفعلى وتصديرها بان وتكرير الضمير لاشعار بأن الحكمة والصواب منحصر فى هذا النوع من التنزيل كأنَّه كرر الاسناد إلى نفسه وجعله مختصا به والحكيم لا يفعل الا ما هو حكمته.
فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ الفاء للسببية يعنى إذا عرفت حال الأبرار والفجار وتأخير جزاء الفريقين أى دار القرار فاصبر على أذى الكفار ولا تعجل فى عقوبتهم ولا تحزن بتأخير نصرك عليهم وإذا علمت ان تنزيل القرآن مختص به تعالى فاصبر نفسك على ما امر به وعما نهى عنه وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ أى من الكفار للضجر من تأخير الظفر آثِماً أى مرتكبا لاثم داعيا لك إليه وان لم يكن ذلك كفرا - أَوْ كَفُوراً ج مرتكبا للكفر داعيا لك إلى الكفر فاو لاحد الامرين منكر وقعت فى حيز النفي فافادت العموم أى لا تطع أحدا دعاك إلى اثم أو دعاك إلى كفر أو إليهما جميعا فانه داع إلى كل واحد منهما ولو وقعت هناك الواو لكان المعنى لا تطع من دعاك إلى الكفر والإثم جميعا ولا يستفاد منه عدم إطاعة الداعي إلى الإثم فقط ومقتضى هذه الآية انه لا بأس فى إطاعة كافر فيما ليس بإثم ولا كفر