ج ١٠، ص : ١٦٨
ثلث وشعب قال البغوي قيل يخرج عنق من النار فيشعب ثلث شعب اما النور فتقف على رؤس المؤمنين والدخان تقف على روس المنافقين واللهب تقف على رؤس الكافرين قلت وأيضا يكون هذا القول مرفوعا لكونه مما لا يدرك بالرأي فتأويله انه عبر عن شعبة من شعب الثلث الدخان جهنم بالنور لخفته فى الظلمة بالنسبة إلى أختيه والا فما معنى النور فى نار جهنم وقد قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ أوقد على نار جهنم الف سنة حتى احمرت ثم أوقد عليها الف سنة حتى اسودت فهى سوداء مظلمة أخرج الترمذي والبيهقي عن أبى هريرة فهذه الشعبة الخفيفة الظلمة بالنسبة إلى أختيها تقف على رؤس عصاة المؤمنين من أهل النار وعن الشعبة....
الثانية بالدخان لكثرة اجزاء النار فيها وشدة ظلمتها فهى تقف على رؤس المنافقين والمراد بالمنافقين هاهنا هم أهل الهواء الذين يدعون الايمان ويلزمهم الكفر وتكذيب الرسول عليه الصلاة والسلام وليس المراد بالمنافقين هاهنا الذين قالوا أمنا بأفواههم فى العلانية دون السر ولم يؤمن قلوبهم فانهم أشد فى الكفر من الجاهرين وهم فى الدرك الأسفل من النار وقد ذكرنا فى تفسير سورة البقرة وجه اطلاق المنافقين على أهل الهواء وتطبيق ما ضرب اللّه تعالى به مثل المنافقين عليهم وعن الشعبة الثالثة باللهب لكمال احتراقها وشدة التهابها فهو تقف على رؤس الكافرين قلت ويمكن ان يقال المراد بالظل نار جهنم نفسها عبر عنها بالظل مجازا لظلمته واسوداده فان الظل لا يخلو من الظلمة وفيه استهزاء وتهكم بالكفار كما فى ذق انك أنت العزيز الكريم وفى بشره بعذاب اليم فمعنى قوله تعالى انطلقوا إلى ظل ذى ثلث شعب انطلقوا إلى نار جهنم التي هى ذى ثلث طرق موصلة إليها أحدها تكذيب الرسل صريحا ثانيها تكذيبهم اقتضاء ثالثها ارتكاب المعاصي لما ذكرنا.
لا ظَلِيلٍ كظل العرش وظل الجنة للمؤمنين صفة الظل بعد صفة وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ ط أى لا يرد لهب جهنم صفة لموصوف محذوف أى ولا ظل يغنى من اللهب ويحتمل ان يكون معطوفا على ظليل على طريقة فالق الإصباح وجعل الليل فيكون صفة ثالثة لظل مذكورة فى هاتين الصفتين تهكم بهم وروى أوهم لفظ الظل من وقاية الحر والإغناء من اللهب.
إِنَّها الضمير راجع إلى ظل من حيث المعنى ان كان المراد به النار كما ذكرت والا فهو راجع إلى غير مذكور دل عليه الكلام أى جهنم تَرْمِي تعليل لعدم الإغناء بِشَرَرٍ جمع شررة وهى ما تطاير من النار كَالْقَصْرِ ج أى كل شررة فى عظمها كالقصر أى كبيت من حجر أو قرية أو حصن كذا فى القاموس فهو مفرد وقيل هو جمع


الصفحة التالية
Icon