ج ١٠، ص : ١٧٤
لا يعقلون وهم الذين يعجبون بأعمالهم وبعضهم يمضقون ألسنتهم مدلاة على صدورهم لسيل ايقح من أفواههم يقذرون أهل الجمع وهم العلماء والقصاص الذين يخالف قولهم فعلهم وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وهم الذين يوذون الجيران وبعضهم مصلبين على جزوع من النار وهم السعاة بالناس إلى السلطان وبعضهم أشد نتنا من الجيف وهم الذين يتمتعون بالشهوات واللذات ويمنعون حق اللّه فى أموالهم وبعضهم يلبسون جلابيب سابغة من القطران وهم أهل الكبر والفخر والخيلاء وكذا روى الثعلبي من حديث البراء بن عاذب عن معاذ.
وَفُتِحَتِ السَّماءُ أى شقت قرأ أهل الكوفة بالتخفيف والباقون بالتشديد للمبالغة والتكثير عطف على تأتون ومعناه الاستقبال أو حال بتقدير قد وكذا سيرت فَكانَتْ السماء أَبْواباً أى ذات أبواب أو حمل على المبالغة يعنى صارت من كثرة الشقوق كانها كلها أبواب.
وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ عن وجه الأرض فى الهواء كالهباء فَكانَتْ الجبال سَراباً ط السرب فى الأصل الذهاب كذا فى الصحاح ويقال للامع فى المفازة كالماء سرابا مالا سرابه فى راى العين والمراد هاهنا صارت الجبال شيئا لا حقيقة لها لتفتت اجزائها ولما ذكر اللّه سبحانه مجيئ الناس أجمعين للحساب بقوله فتاتون أفواجا فكان السامع اشتاق إلى تفصيل أحوالهم فذكر أهل الطاغين اولا لأن الترهيب أهم من يرصد عند أذهان الناس فقال.
إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً الرصد الاستعداد للترقيب وموضع يرصد فيه والمعنى ملائكة العذاب وملائكة الرحمة يرصدون الناس جسر جهنم فاما ملائكة العذاب فيرصدون الكفار لياخذوهم ويلقونهم فى النار ويعذبونهم واما ملائكة الرحمة فيرصدون المؤمنين ليحرسونهم فى مجاوزتهم عليها من قيح جهنم وكل ليب الصراط فهذه الآية بهذا التأويل تدل على كون جهنم طريقا وممرا للناس أجمعين كقوله تعالى وان منكم الا واردها فمن فسر المرصاد بالطريق أو المعنى الالتزامي وقيل مرصاد أى معدة للكفار يقال أرصدت الشيء إذا اعددته ويحتمل ان يكون المرصاد صيغة مبالغة أى مجدة مجتهد فى ترصد الكفار كيلا يشذ منها واحد أخرج البيهقي عن أنس قال سمعت النبي ـ ﷺ ـ يقول الصراط أحد كحد السيف وان الملائكة يحفظون للمؤمنين والمؤمنات وان جبرئيل لاخذ بحجزتي وانى لا قول يا رب سلم سلم والزالون والذالات كثير وأخرج ابن المبارك والبيهقي وابن أبى الدنيا عن عبيد بن عمير


الصفحة التالية
Icon