ج ١٠، ص : ١٩٢
الفاء للسببية يعنى إذا ثبت البعث بأخبار اللّه تعالى بعد إمكانه وظهور قدرته سبحانه تعالى عليه بما ظهر من قدرته فى إيجاد العالم فاعلموا صفته وقت مجيئه وغيرها بالطامة الكبرى ليعلم بعض صفاته من عنوانه والطم فى اللغة الغلبة ويقال للبحر لأنه يغلب كل شىء والطامة عند العرب الداهية التي لا يستطاع من ذلك سميت القيامة طامة لانها تطم الدواهي كلها وتغلبها ثم وصفها بالكبرى لمزيد تأكيدها فى الطم وإذا ظرف يتضمن معنى الشرط و.
يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ بدل منه ما سَعى ما مصدرية أو موصولة يعنى يرى اعماله عدد ما فى صحيفته وكان قد نسيها من قبل لفرط الغفلة أو طول المدة.
وَبُرِّزَتِ عطف على يتذكر أى يوم يبرز يظهر الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرى لكل من يرى قال مقاتل يكشف عنها الغطاء فيظهر إليها الخلق اما الكفار فيدخلها واما المؤمن فيمرون من الصراط على ظهرها أو المراد لمن يرى الكفار وجواب إذا قيل محذوف دل عليه يوم يتذكر والظاهر ان جوابه ما بعده من التفضل ولا ضرورة فى التقدير.
فَأَمَّا مَنْ طَغى أى جاوز الحد فى العصيان حتى كفر.
وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا على الاخرة باتباع الشهوات وهواء النفس.
فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوى هى فصل أو مبتداء واللام فى المأوى يدل على المضاف إليه عند الكوفيين أى ماواه وعند السيبويه والبصريين تقديره هى المأوى له عن أبى موسى قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من أحب دنياه اخر آخرته ومن أحب آخرته اخر بدنياه فاثروا ما يبقى على ما يغنى رواه أحمد والبيهقي فى الشعب وعن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم حجبت النار بالشهوات وحجبت الجنة بالمكاره متفق عليه وعند مسلم حفت مكان حجبت وعنه ان الدنيا ملعونة وملعون ما فيها الا ذكر اللّه وما والاه وعالم أو متعلم رواه الترمذي وابن ماجه.
وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ أى مقامه يوم القيامة لحساب ربه وَنَهَى النَّفْسَ الامارة بالسوء عَنِ الْهَوى فى الصحاح الهوى ميل النفس مما يشتهيه قيل سمى به لأنه يهوى صاحبه فى الدنيا إلى كل داهية وفى الاخرة إلى الهاوية والهوى الانهدار والسقوط عن علو اعلم ان الهوى راس المنهيات وأساس المحرمات قال أبو بكر الوراق ان اللّه لم يخلق خلقا أخبث من الهوى قلت وهو قبيح عقلا وشرعا اما عقلا فلان حقايق الأشياء كما هى فى نفس الأمر لا سيما حقائق المبدأ والمعاد وعواقب الأمور


الصفحة التالية
Icon