ج ١٠، ص : ١٩٥
لا مقصود الا اللّه قال المجدد رض ان العبد ما دام فى هوى نفسه فهو عبد نفسه مطيع الشيطان وهذه الدولة العظمى يعنى سلب الهوى بالكلية منوط بالولاية الخالصة ومربوط بالفناء والبقاء الأكملين قلت وفى هذه المرتبة يحصل للصوفى الرضاء بما قدر اللّه له وان كان خلاف طبعه وانه يدعو لدفع ضرر نزل به بناء على انه مامور بالدعاء أو طلب العافية لا لاجل ضيق صدره من فقدان مراده وفى هذه المرتبة يكون عبد اللّه تعالى بالاختيار كما هو عبد اللّه بالتسخير والاضطرار وح لا يجد الشيطان إليه سبيلا الا نادر الان سبيله إلى الإنسان غالبا يكون بتوسط لهوى الا ترى ان من هو محرور المزاج مغلوب الغضب يزين له الشيطان من اعماله القتل والظلم ونحو ذلك ومن هو مبرود المزاج ضعيف القلب يزين له الشيطان القرار من الزحف وترك الغيرة فى الحق والنفاق ونحو ذلك وقس على هذا فإذا أزال الهوى منه انسد طرق الشيطان إليه كلها وذلك مصداق قوله تعالى ان عبادى ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا ومن هذا المقام قال شيخ الاجل يعقوب الكرخي ان الرجل لا يبلغ مبلغ الرجال حتى يخلص من الهوى وفى هذا المقام يطلق على العبد انه مومن حقيقى وهو المراد من قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم لا يومن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به رواه البغوي فى الشرح الستة وقال النووي فى اربعينه حديث صحيح.
فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى ليس له ماوى سواها أخرج ابن حاتم من طريق جبير عن الضحاك عن ابن عباس ان مشركى مكة سالوا النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم فقالوا متى تقوم الساعة استهزاء منهم فأنزل اللّه تعالى.
يَسْئَلُونَكَ أى كفار قريش عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها ط أى متى قيامها مصدر من الراس بمعنى القيام والثبوت وأخرج الحاكم وابن جرير عن عائشة قالت كان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم يسال عن الساعة حتى انزل اللّه عليه يسالونك عن الساعة إلخ فانتهى وأخرج الطبراني وابن جرير عن طارق بن شهاب قال كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت.
فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها ط احرج ابن حاتم عن عروة مثله والحاصل ان النبي ـ ﷺ ـ بشدة حرصه على جواب السائلين عن وقت قيامها كان يسال اللّه سبحانه عنها نزلت هذه الآية فظهران فى اخفائها حكمة وانه لا يرجى علمها فانتهى عن السؤال عنها وما فى فيم استفهامية للانكار