ج ١٠، ص : ٢١٠
فيما سبق محمد صلى اللّه عليه وسلم فوضع المظهر موضع المضمر للتنبيه على انه صاحبكم منذ أربعين سنة قبل ذلك لم يظهر منه الا وفور العقل وكماله فالحكم فيه بِمَجْنُونٍ ج مكابرة أو جنون ففى هذا الكلام رد لقول الكفار افترى على اللّه كذبا أم به جنة.
وَلَقَدْ رَآهُ الضمير المرفوع راجع إلى صاحبكم محمد صلى اللّه عليه وسلم بالاتفاق والضمير المنصوب اما راجع إلى ذى العرش فعلى هذا قوله تعالى بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ج ظرف مستقر حال من الضمير المرفوع والمعنى انه راى محمد ذا العرش ليلة المعراج حال كون محمد بالأفق للعالم على منتهى السموات السبع قال البغوي روينا فى قصة المعراج عن شريك بن عبد اللّه عن أنس قال دنى جبار رب العزة فتدلى كان حتى قاب قوسين أو ادنى وهو رواية أبى سلمة عن ابن عباس وكذا قال الضحاك والقائلون بهذا القول اختلفوا فقال بعضهم جعل بصره فى فؤاده فراه بفؤاد استنباطا من قوله تعالى ما كذب الفؤاد ما راى وهذا قول ابن عباس روى مسلم عن أبى العالية عنه ما كذب الفؤاد ما راى ولقد راه نزلة اخرى قال راه بفؤاده مرتين وذهب جماعة إلى انه راه بعينه وهو قول أنس والحسن وعكرمة قالوا راى محمد ربه وروى عكرمة عن ابن عباس قال ان اللّه اصطفى ابراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمد بالروية وعن أبى ذر قال سالت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم هل رايت ربك قال نورانى راه رواه مسلم قلت ويحتمل ان يراد بالأفق المبين والأفق الأعلى منتهى درجات سير السالكين ان أقصى حقايق العابدية وهى الحقيقة الاحمدية المعبر فيها بالمحبوبية الصرفة وراء ذلك مرتبة اللائعين ولا مساغ للسير والسلوك فى مرتبة اللاتعين والسير فى تلك المرتبة العليا السير النظري فحسب كذا قال المجدد رض وقال الجمهور المفسرين الضمير المنصوب راجع إلى رسول كريم والمراد بالرسول جبرئيل قال قتادة ومجاهد الأفق المبين هو الأفق
الأعلى من ناحية المشرق روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ لجبرئيل انى أحب ان أراك فى صورتك التي تكون فيها فى السماء قال لن تقوى على ذلك قال بلى قال فاين تشاء ان اتخيل لك قال بالأبطح قال لا يسعنى قال فى منى قال لا يسعنى قال فبعرفات قال لا يسعنى ذلك قال بحراء قال ان يسعنى قواعده فخرج النبي ـ ﷺ ـ للوقت فإذا هو بجبرئيل قد اقبل من جبال عرفات بخشخشة وكلكلة قد ملأ ما بين المشرق والمغرب


الصفحة التالية
Icon