ج ١٠، ص : ٢١٤
فان كثرة كرمه يقتضى ان يشكر ولا يكفر ويستدعى الجد فى الطاعة لا الانهماك فى عصيانه اغترارا بكرمه وقال بعض أهل الإشارة انما قال بربك الكريم دون سائر أسمائه وصفاته كأنَّه لقنه الإجابة حتى يقول غرنى كرم الكريم وهو المعنى مما قال يحيى بن معاذ لو إقامتي بين يديه فقال يا يحيى ما غرك بي قلت غرنى برك بي سابقا وآنفا وقال أبو بكر الوراق لو قال بي ما غرك بربك الكريم لقلت غرنى كرم الكريم قال ابن مسعود ما منكم من أحد الا يسخر اللّه به يوم القيامة فقال يا ابن آدم ما غرك بي يا ابن آدم ماذا عملت فيما علمت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين قال عطاء تاويل الآية ما غرك بربك وقطعك وأشغلك عنه إلى نفس بئس للظالمين بدلا حكى ان امرأة رفعت إلى قاض ان زوجها نكح عليها امرأة اخرى فقال القاضي لا سبيل لك بالاعتراض عليه فان اللّه تعالى أباح للرجال ما طاب لهم من النساء مثنى وثلث ورباع فقال الضعيفة أيها القاضي لو لا منعنى الحجاب والحياء لبرزت حسنى لك وسألتك بان من كان له فى الجمال والحسن مصاحبا مثلى هل يجوز له ان يشتغل عنه بغيره فسمع قولها رجل من أهل القلوب فصاح وخر مغشيا عليه فلما أفاق قال سمعت الهاتف يقول الم تسمع قول الضعيفة ولو لا حجاب الكبرياء والعظمة لا برزت لكم من الجلال والجمال الذي لا يسعه المقابل وسألتكم انه من استطاع الاشتغال بمثلى فهل يجوز الاشتغال بغيري ومن مثلى واين يكون مثلى فليس يكون فاطلبنى تجدنى عن جابر قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا قام الرجل فى الصلاة اقبل اللّه عز وجل بوجهه فإذا التفت قال يا ابن آدم إلى من تلتفت إلى من هو خير منى اقبل إلى فإذا التفت الثانية قال مثل ذلك فإذا التفت الثالثة صرف اللّه تبارك وتعالى عنه وجهه رواه البزار.
الَّذِي خَلَقَكَ من تراب ثم من نطفة بعد ما لم يكن شيئا - فَسَوَّاكَ أى فجعلك بشرا سويا مستوى الخلق وتسويته جعل أعضائه سليمة معدة لمنافعها فَعَدَلَكَ قرأ الكوفيون بالتخفيف أى فصرفك وامالك إلى أى صورة شاء أو صرفك عن خلقه غيرك حتى تميزت وفارقت عن ساير الحيوانات أو صرف طبعة بعض اجزائك إلى بعض فكسر حرارة الصفراء ويبوستها ببرودة البلغم ورطوبته وبالعكس ويبوسة السوداء وبرودتها برطوبة الدم وحرارته حتى اعتدلت وصرت اعدل الحيوانات مزاجا وقرأ الباقون بالتشديد أى جعل بنيتك متناسبة الأعضاء لعدلته معدة لا يستعدها من القوى.
فِي أَيِّ صُورَةٍ


الصفحة التالية
Icon