ج ١٠، ص : ٢٢٥
وقد راى النبي صلى اللّه عليه وسلم موسى عليه السلام فى قبره يصلى ليلة اسرى به وانه صلى اللّه عليه وسلم قال من صلى على عند قبرى سمعته ومن صلى على غائبا بلغته فكيف تطبيق قلنا وجه التطبيق
أن مقر أرواح المؤمنين فى عليين أو فى السماء السابعة ونحو ذلك كما مر ومقر أرواح الكفار فى سجين ومع ذلك لكل روح منها اتصال لجسده فى قبره لا يدرك كنهه الا اللّه تعالى وبذلك الاتصال يصح ان يعرض على الإنسان المجموع المركب من الجسد والروح مقعده من الجنة أو النار ويحس اللذة أو الألم ويسمع سلام الزائر ويجيب المنكر والنكير ونحو ذلك بما ثبت بالكتاب والسنة كما ان جبرئيل مع كون مستقره من السموات كان يدنوا من النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى يضع يديه على فخذيه قال الشعبي فى بحر الكلام هى متصلة بأجسادها فتعذب الأرواح ويتالم الأجساد منها كالشمس فى السماء ونورها فى الأرض واللّه تعالى أعلم.
إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ مستأنفة.
عَلَى الْأَرائِكِ أى على الاسرة فى الحجال حال من المستكن فى ظرف المستقر يَنْظُرُونَ حال بعد حال مترادف لما سبق أو متداخل قال اكثر المفسرين يعنى ينظرون إلى ما أعطاهم اللّه تعالى من الكرامة والنعمة وقال قتادة ينظرون إلى أعدائهم كيف يعذبون فى النار قلت ينظرون إلى ربهم تبارك وتعالى كما ان الكفار عن ربهم يومئذ لمحجوبون.
تَعْرِفُ أيها المخاطب كذا قرأ الجمهور وقرأ أبو جعفر ويعقوب على المبنى للمفعول فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ بالرفع عند جعفر ويعقوب وبالنصب عند الجمهور النَّعِيمِ ج أى بجنة النعيم قال الحسن النضرة فى الوجه والسرور فى القلب.
يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ أى جنة صافية طيبة بيضاء مَخْتُومٍ أى ممنوع من ان تمسه يد إلى ان يفك ختامه الأبرار.
خِتامُهُ مِسْكٌ ط قرأ الكسائي خاتمه بتقديم الالف على التاء على وزن عالم والباقون على وزن كتاب فى القاموس ختام ككتاب الطين يختم على الشيء والخاتم ما يوضع على الطينة والمراد بالقراءتين واحد أى مختوم أو آنية بالمسك مكان الطين وكذا قال ابن زيد وقال ابن مسعود مختوم أى ممزوج ختامه أى اخر طعمه وعاقبته مسك فى القاموس والختام من كل شىء آخره وَفِي ذلِكَ الرحيق والنعيم فَلْيَتَنافَسِ الْمُتَنافِسُونَ ط التنافس مشتق من النفس أو من النفيس ومعناه اختيار الشيء النفيس لنفسه بحيث ينفسه به أى يضن به على غيره وحاصل المعنى فليرغب


الصفحة التالية
Icon