ج ١٠، ص : ٢٥٢
كَيْفَ نُصِبَتْ وقفه راسخة لا تميل مع طولها فكذا النمارق.
وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ سطحا مستويا بساطا واحدا فكذا الزرابي ويجوز ان يكون المعنى أفلا ينظرون إلى أنواع المخلوقات من البسائط والمركبات الشاهد على كمال قدرة الخالق فيستدلوا به على اقتداره على البعث فيسمعوا إلى اخبار مخبر الصادق الصدوق بشهادة المعجزات وليؤمنوا به ويستعدوا للغاية وتخصيص الإبل من المركبات والثلاثة من البسائط لأن الخطاب للعرب والمراد انما يستدل به بما يكثر مشاهدته والعرب تكون فى البوادي ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجبال والإبل وكان الإبل أعز أموالهم وهم لها اكثر استعمالا منهم لسائر الحيوانات وهى تجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان من النسل والدر والحمل والركب والأكل بخلاف غيرها فقال أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت خلقا والأعلى كمال قدرته وحسن تدبيره حيث جعلها مع عظمها باركة للحمل ناهضة بالحمل منقادة لمن اقتادها طويلة الأعناق ليناول الأوراق من الأشجار ولترعى كل نابت ويحتمل العطش إلى عشرة فصاعدا ليتاتى بها قطع البوادي وقيل المراد بالإبل السحاب قال فى القاموس الإبل بكسرتين ويسكن بالمعروف السحاب الذي يحمل ماء المطر واللّه تعالى أعلم عن ابن عباس قال هل يقدر أحد ان يخلق مثل الإبل وليرفع مثل السماء وينصب مثل الجبال ويسطح مثل الأرض غبرى.
فَذَكِّرْ لهم بالادلة ليتفكروا فيها ولتهتم إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ تعليل التذكير أى ليس عليك ان لم ينظروا ولم يذكروا انما أنت عليك البلاغ.
لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ تأكيد لمضمون انما أنت مذكر قرأ هشام بمسيطر بالسين وحمزة بخلاف عنه فلاوين الصادة والباقون بالصاد خالصة أى لست بمسلط عليهم قايم وحافظ عليهم كما فى قوله تعالى لست عليهم بجبار.
إِلَّا مَنْ تَوَلَّى عن الايمان وكفر باللّه استثناء منقطع بمعنى لكن والخبر محذوف يعنى لكن من تولى منهم وَكَفَرَ فاللّه مسلط قاهر عليه.
فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ ط بالنار فى الاخرة وقيل استثناء متصل كأنَّه أوعد بالجهاد فى الدنيا وعذاب النار فى الاخرة وقيل استثناء متصل من الضمير المنصوب المحذوف فى قوله تعالى فذكر يعنى فذكرهم الا من تولى منهم وكفر واخر طلبه بحيث انقطع طمعك فى إيمانه وما بينهما اعراض.
إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ رجوعهم وتقديم الظرف لتشديد الوعيد يعنى ليس إيابهم الا إلى جبار قهار مقتدر على الانتقام.
ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ ع فتحاسبهم ويجازيهم على حسب غلوهم فى الكفر وعلى فى الأصل للوجوب واستعير هاهنا لتأكيد الوعيد إذ لا يجب على اللّه شىء فان الوجوب ينافى الالوهية - واللّه تعالى أعلم.