ج ١٠، ص : ٢٦٣
الى ربك وادخلى فى أجساد عبادى يعنى جسدك فيامر اللّه تعالى الأرواح ان ترجعى إلى الأجساد وهذا قول عكرمة وعطاء والضحاك ورواية العوفى عن ابن عباس وقال الحسن معناه ارجعي إلى ثواب ربك وكرامة راضية من اللّه تعالى بما أعد اللّه مرضية رضى عنها ربها فادخلى فى عبادى أى مع عبادى جنتى قلت سياق الآية يؤيد هذا القول يعنى انها يقال عند البعث لأن اللّه ذكر حال الكفار عند البعث بقوله فيومئذ لا يعذب عذابه إلخ فكذلك ذكر ما يقال للمؤمنين يومئذ والأحاديث المذكورة يؤيد القول الأول والجمع بينهما انه يقال فى الوقتين جميعا عند الموت وعند البعث بل التحقيق ان استحقاق هذا الخطاب يحصل للنفس فى الدنيا حصول الاطمينان فيقال لها ارجعي إلى ربك أى مدارج قربه وتجلياته الذاتية راضية مرضية.
فَادْخُلِي فِي عِبادِي أى فى جملة عبادى الصالحين الذين سال سليمان عليه السلام الدخول فيهم فقال وأدخلني برحمتك فى عبادك الصالحين وسال يوسف عليه السلام اللحوق بهم حيث قال توفنى مسلما والحقنى بالصالحين وقال اللّه تعالى فيهم لابليس ان عبادى ليس لك عليهم سلطان والفاء فى فادخلى للسببية فان اطمينان النفس وكونها راضية مرضية سبب لخلوص العبودية للّه سبحانه وذلك رقبة عن رقبة الالهية الباطلة الهوائية ووساوس الخناسية قال اللّه تعالى أفمن اتخذ الهه هواه وقال رسول اللّه ـ ﷺ ـ نفس عبد الدينار والدراهم والقطيفة والخميسة الحديث.
وَادْخُلِي جَنَّتِي ع اضافة الجنة إلى اللّه سبحانه يقتضى خصوصا تلك الجنة من بين الجنات كما لا يخفى قال البغوي قال سعيد بن جبير مات ابن عباس بالطائف فشهدت جنازته فجاء طاير لم ير على خلقه فدخل نعشه ثم لم نر خارجا منه فلما دفن تليت هذه الآية على شعير القبر لم يدر من تلاها يايّتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى وأخرج ابن أبى حاتم عن بريدة فى قوله تعالى يايتها النفس المطمئنة إلخ قالت نزلت فى حمزة رضى اللّه عنه وأخرج من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ان النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال من اشترى هذه الامة يستعذب بها غفر اللّه له فاشتر بها عثمان يايتها النفس المطمئنة الآية (فائده) قال بعض الصوفية تاويل هذه الآية يايتها النفس المطمئنة إلى الدنيا ارجعي إلى ربك بترك الدنيا والسلوك إليه فى الطريق الصوفية - واللّه تعالى أعلم.