ج ١٠، ص : ٢٧٦
ان كنت صادقا فدعا قومه فاشهد له ثم ذهب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه ان النخلة قد صارت لى فهى لك فذهب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى صاحب الدار فقال النخلة لك فأنزل اللّه تعالى والليل إذا يغشى قال ابن كثير غريب جدا وذكر البغوي عن على بن حجر عن اسحق بن نجيح عن عطاء نحوه وفيه ان صاحب النخلة شكى إلى النبي ـ ﷺ ـ تناول صبيان الجار من نخلة فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم بعينها بنخلة فى الجنة فابى فخرج فلقيه أبو الدحداح إلى اخر القصة قال فأنزل اللّه تعالى والليل إذا يغشى إلى قوله ان سعيكم لشتى والصحيح هى الرواية الاولى يعنى نزلت فى أبى بكر الصديق وامية بن خلف لأن السورة مكية وقصة صاحب النخلة وابى الدحداح يقتضى كونها مدنية وعلى تقدير صحة الرواية الثانية فنقول نزول الآية بمدح أبى الدحداح رضى اللّه عنه قال اللّه تعالى فاما من اعطى واتقى كابى الدحداح وصدق بالحسنى أى بما وعد النبي صلى اللّه عليه وسلم فسنيسره لليسرى يعنى الجنة ولما كان حكم الآية عاما وان كان موردها خاصا عقبه بما يقيده من الوعيد فقال واما من بخل واستغنى الآية وليست هذه الجملة للوعيد فى حق صاحب النخلة فانه كان رجلا من الأنصار لم يكن ممن استغنى من ثواب اللّه تعالى ونعيم الجنة وكذب بالحسنى بل كان مصدقا بها والنخل المستوجب للنار انما هو منع الزكوة المفروضة كما لا يخفى واللّه تعالى أعلم.
وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ الذي بخل فيه نفى أو استفهام انكار إِذا تَرَدَّى الظرف متعلق بيغنى وتردى تفعل من الردى بمعنى الهلاك قال مجاهد أى بات إذ المراد بالهلاك استيجاب العذاب أو بمعنى السقوط يعنى تردى فى حفرة القبر أو قعر جهنم قال قتادة وأبو صالح هوى فى جهنم.
إِنَّ عَلَيْنا كلمة على للتاكيد يعنى التزمنا الهداية بموجب قضائنا السابق أو بمقتضى كلمتنا لَلْهُدى أى الإرشاد إلى الحق بنصب الدلائل وبيان الشرائع كذا قال الزجاج وقتادة وقال الفراء معناه من سلك الهدى فعلى اللّه سبيله كقوله تعالى وعلى اللّه قصد السبيل يقول من أراد اللّه فهو على السبيل القاصد يعنى من سلك على طريق الهدى يصل إلى اللّه سبحانه.
وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى ملكا وخلقا وتقديم الخبر للحصر فمن طلبها من غير مالكهما فقد اخطأ الطريق أو فنعطى ثواب الهداية للمهتدين أو فلا يضرنا ترككم الاهتداء.
فَأَنْذَرْتُكُمْ أى خوفتكم والفاء للسببية فان كون الاخرة والاولى