ج ١٠، ص : ٢٧٨
فى حديث فى الصحيحين والترمذي عن أبى هريرة فما أظنك فيمن جالس سيد المرسلين فى حين من الدهر واللّه تعالى أعلم ولما كان الناس فى زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم منحصرين فى فريقين اما مومن تقى اتقى الناس ممن سواهم أو كافر فلذلك ترى كلام اللّه مشحونا من ذكر هذين الفريقين وقلما يستفاد حال عصاة المؤمنين من القرآن لأن الكلام غالبا يبحث عن احوال الموجودين واللّه تعالى أعلم فلا يجوز بهذه الآية استدلال المرجئة على ان المؤمن ان كان فاسقا لا يدخل النار وان السيئات من الكبائر والصغائر مطلقا لا يضر مع الايمان لأن الحسنات مطلقا لا تنفع مع الكفر وبه قال الروافض شيعة على ولا استدلال المعتزلة على ان مرتكب الكبيرة مخلد فى النار وليس بمؤمن وجه استدلالهم ان ارتكاب الكبيرة موجب لدخول النار بالإجماع وان خالف المرجئة فلو كان مرتكب الكبيرة مومنا لم يكن أشقى الناس فلا يصلها بهذه الآية واهل السنة يأولون هذه الآية بما ذكرنا من التأويلات جمعا بين النصوص وجريا على ما انعقد عليه الإجماع من ان اللّه تعالى لا يغفران يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء سواء تاب أو لم يتب وقال اللّه تعالى يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة اللّه ان اللّه يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم وقال يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وقال من يعمل مثقال ذرة خيرا يره فلا يجوز فى حق المؤمن الخلود فى النار وان كان فاسقا غير مغفور وقد تواتر قوله صلى اللّه عليه وسلم من قال لا اله الا اللّه دخل الجنة وقال اللّه تعالى ومن يعمل مثقال ذرة شرايره يعنى ان شاء اللّه ان يعذبه ولم يغفره يرى جزاء السيئة فى النار ولو لا مقتضى إتيان المحرمات و
ترك الواجبات دخول النار كما قالت المرجئة لصارت الشريعة الآمرة بالمعروف والناهية عن المنكر كلها سفسطة ولا يقولها الا كاهن أو مجنون.
وَسَيُجَنَّبُهَا عطف على لا يصليها والسين للتحقيق الْأَتْقَى أى الذي اتقى الشرك الجلى والخفي والمعاصي القلبية والقالبية والنفسانية وذلك بعد تزكية النفس واطمينانها.
الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ الفقراء وفى فك الرقاب ووجوه الخير يَتَزَكَّى بدل من يوتى ولا محل له من الاعراب أو منصوب على الحالية من فاعله أى يطلب ان يكون عند اللّه زاكيا لا يريد به رياء ولا سمعة أو يتفعل من الزكوة والمفهوم عندنا غير معتبر فلا تدل تلك الآية


الصفحة التالية
Icon