ج ١٠، ص : ٢٨٦
عن كل مالا طريق إلى دركه الا السمع نظيره قوله تعالى وان كنت من قبله لمن الغافلين وقوله ما كنت تدرى ما الكتاب ولا الايمان كذا قال الحسن والضحاك وابن كيسان وقيل ووجدك ضالا فى شعاب مكة صبيا صغيرا حين فطمتك حليمة وجاءت بك لترد إلى جدك عبد المطلب كذا روى أبو الضحى عن ابن عباس وقال السعيد بن المسيب خرج رسول اللّه ـ ﷺ ـ مع عمه أبى طالب فى قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة ظلماء ناقة جاء إبليس فاخذ بزمام الناقة فعدل به عن الطريق فجاء جبرئيل فنفخ إبليس نفخة وقع منها إلى الحبش ورده إلى القافلة وقيل وجدك ضالا نفسك لا تدرى من أنت وقال بعض الصوفية معناه وجدك محبا عاشقا مفرطا فى الحب والعشق يكنى باتصال لاستلزام السكر غالبا والسكران يغاط الطريق غالبا وفى الحديث حبك الشيء يعمى ويصم فهى تسمية السبب باسم المسبب كما فى قوله تعالى انزل اللّه من السماء من رزق يعنى من مطر قال اللّه تعالى عن اخوة يوسف ان أبانا لفى ضلال مبين وانك لفى ضلالك القديم وقال نسوة فى المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه قد شغفها حبّا انّا لنريها فى ضلال مبين فَهَدى أى فهداك إلى معالم الدين أو إلى جدك عبد المطلب أو إلى القافلة أو عرفك نفسك وحالك ومن عرف نفسه فقد عرف ربه أو هديك إلى وصل محبوبك حتى كنت قاب قوسين أو ادنى.
وَوَجَدَكَ عائِلًا فقيرا فَأَغْنى أى اعطاك بمال خديجة أو بما حصل لك ربح فى التجارة بالغنائم والمراد بالغناء على هذا التقادير دفع الحاجة وان كان بالقليل لا بمالكية النصاب وقال مقاتل يعنى اغنى قلبك فارخاك بما اعطاك من الرزق واختاره الفراء وقال لم يكن النبي صلى اللّه عليه وسلم غنيا بكثرة المال والعرض لكن الغنى عنى النفس متفق عليه وعن عبد اللّه بن عمرو قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ قد أفلح من اسلم ورزق كفافا فقنعه اللّه بما أتاه رواه مسلم.
فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ هذه الجملة وما بعدها إلى اخر السورة معترضات أوردت استطرادا بين قوله الم يجدك إلى آخره الم نشرح لك أو هى تذئيل بما سبق ذكر اليتيم والعائل الفقير السائل غالبا واتصال السائل للارشاد غالبا وذكر نعمة الإيواء والهداية والغناء فضل ما أجمل ذكره باما وأورد بالفاء للسببية فى فاما اليتيم فلا تقهر لأن كونه صلى اللّه عليه وسلم يتيما وقال الفراء والزجاج لا تقهر على ماله فتذهب بحقه بضعفه كما كانت العرب تفعل كذلك نهى لامته وان كان


الصفحة التالية
Icon