ج ١٠، ص : ٢٩٩
والمسافر فان قيل مقتضى البلاغة تأكيد الكلام على قدر انكار المخاطب وكون الإنسان مخلوقا على احسن صورة ثم رده بالهرم إلى ضعف امر بديهي لا ينكره أحد فكيف أورد الكلام بالقسم ولام التأكيد وكلمة قد على هذا التأويل قلنا لما كان تحول الأحوال على الإنسان دليلا واضحا على جواز الاعادة والجزاء والكفار كانوا ينكرون الاعادة والجزاء كانهم أنكروا التحول لأنه من أنكر المدلول فكانه أنكر الدليل الواضح لاستلزام أحدهما الاخر.
فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ المخاطب به الإنسان على سبيل الالتفات يعنى فاى شىء يحملك أيها الإنسان على التكذيب بالجزاء أو أى شىء جعلك كاذبا حيث تقول خلاف الحق ان لا بعث ولا جزاء بعد تلك الدلائل الواضحة من نفسك ان خلقك فقويك ثم ضعفك فاماتك قادر على اعادتك وجزاء أعمالك والاستفهام للتوبيخ والإنكار يعنى لا ينبغى لك التكذيب بالجزاء أو المخاطب به النبي ـ ﷺ ـ وما للنفى وللاستفهام الإنكاري والمعنى لا شىء يكذبك أو فاى شىء يكذبك أى يدل على كذبك فى قولك بالجزاء بالدلائل الواضحة على صدقك فينظر هذه الآية قل هاتوا برهانكم ان كنتم صادقين وقيل ما بمعنى من والاستفهام للتعجب يعنى من ينسبك إلى الكذب بعد تلك الشواهد على الصدق عجبا منه.
أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ ع استفهام إنكاري للنفى ونفى النفي اثبات فهو تحقيق وتقرير لما سبق والمعنى أليس الذي فعل ذلك من الخلق والرد باحكم الحاكمين صنعا وتدبير أو من كان كذلك كان قادرا على الاعادة والجزاء والجملة لتسلية النبي صلى اللّه عليه وسلم على تكذيب الكفار إياه مكابرة وعنادا أو وعيد للكفار والمعنى أليس اللّه باقضى القاضين فهو يحكم بينك وبين من كذبك يا محمد كذا قال مقاتل أو هى فى مقام التعليل بقوله تعالى فما يكذبك لا ينبغى لك أيها الإنسان التكذيب قال اللّه احكم الحاكمين عليك بالعذاب عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم من قرأ بالتين فانتهى إلى آخرها أليس اللّه باحكم الحاكمين فليقل بلى وانا على ذلك من الشاهدين رواه أبو داود وعن البراء ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم كان فى سفر فقرأ فى العشاء فى أحد الركعتين بالتين والزيتون رواه البخاري واللّه تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon