ج ١٠، ص : ٣٠٥
بل هو من قبيل العلم الحضوري بل وراء العالمين يحصل للانسان بعد ماهية اللّه تعالى ذاتا موهوما ومن هاهنا قال قائل فان من جودك الدنيا وحزنتها ومن علومك علم اللوح والقلم وجملة وربك الأكرم حال من فاعل اقرأ فانه لما قيل للنبى صلى اللّه عليه وسلم اقرأ فقال ما انا بقاري قيل له اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان يعنى آدم عليه السلام أو جنس الإنسان الشامل لجميع الأنبياء ما لم يعلم فيعلمك القراءة وان لم يكن قاريا ويحتمل ان يكون المراد بالإنسان محمدا صلى اللّه عليه وسلم فلعله قال النبي ـ ﷺ ـ ما انا بقاري فأخذه جبرئيل فغطه ثلثا حتى بلغ منه الجهد وافعال العباد كلها مخلوقة للّه تعالى فاللّه سبحانه علم نبيه صلى اللّه عليه وسلم بتلك اللفظات الثلاث علوم الأولين والآخرين ثم عد نعمة عليه فقال علّم الإنسان ما لم يعلم وقال فى موضع اخر وعلّمك ما لم تكن تعلم فان قيل أى فائدة فى إيراد قوله ما لم يعلم مع ان التعليم لا يتصور الا فيما لا يعلم قلنا فائدته التصريح بعجز الإنسان التعرف بجهله من قبل العلم ويشكر على تلك النعمة العظمى وذكر فى مواهب اللدنية روى ان جبرئيل بدأ له صلى اللّه عليه وسلم فى احسن صورة وأطيب رائحة فقال يا محمد ان اللّه يقرأك السلام ويقول لك أنت رسول إلى الجن والانس فادعهم إلى قول لا اله الا اللّه ثم ضرب برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضا منها جبرئيل ثم امره ان يتوضا وقام جبرئيل يصلى وامره ان يصلى معه فعلمه الوضوء والصلاة ثم عرج إلى السماء ورجع رسول اللّه ـ ﷺ ـ لا يمر بحجر ولا مدر ولا شجر وهو يقول السلام عليكم يا رسول اللّه حتى اتى خديجة فاخبرها فغشى عليها من الفرح ثم أمرها فتوضأ وصلى
بها كما صلى له جبرئيل فكان ذلك أول فرضها ركعتين ثم ان اللّه أمرها فى السفر كذلك وأتمها فى الحضر وقال ابن حجر فى فتح الباري كان صلى اللّه عليه وسلم قبل الاسراء يصلى قطعا وكذلك أصحابه ولكن اختلف هل فرض قبل الخمس شىء من الصلاة فقيل ان الفرض كان صلوة قبل طلوع الشمس وغروبها انتهى وقال أول ما وجب الانذار والدعاء إلى التوحيد ثم فرض من قيام الليل ما ذكره فى أول سورة المزمل ثم نسخه بما فى آخرها ثم نسخه بايجاب الصلاة الخمس ليلة الاسراء بمكة واما ذكره فى هذه الرواية من ان جبرئيل علمه الوضوء وامره فيدل على فرضية


الصفحة التالية
Icon