ج ١٠، ص : ٣٢٩
سورة القارعة
مكّيّة وهى احدى عشرة اية
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الْقارِعَةُ سبق بيانه فى الحاقة والتاء اما لتانيث الساعة أو للمبالغة فى القرع.مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ الظرف اما متصف بفعل مضمر دلت عليه القارعة أى تقرع الناس يوم يكون الناس أو مبنى على الفتح لاضافته إلى الجملة فى محل الرفع على انه خبر مبتداء محذوف أى هى يوم يكون بيان للقارعة كَالْفَراشِ الطير التي يتهافت فى النار الْمَبْثُوثِ المفرق وجه الشبه كثرتهم وهو انهم وتموج بعضهم فى بعض وركوب بعضهم على بعض بشدة الهول.
وَتَكُونُ الْجِبالُ عطف على يكون كَالْعِهْنِ الصوف ذى الألوان لاجل اختلاف ألوان الجبال الْمَنْفُوشِ ط المندوف لتفرق اجزائها وتطائرها فى الجو.
فَأَمَّا تفصيل لما أجمل حاله من الناس عطف على يكون ذكر الناس فريقين مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ جمع موزون يعنى اعماله التي توازن معه والمراد بها الأعمال الصالحة فانها المقص بوجودها أو هو جمع ميزان وعلى هذا أيضا المراد به كفة الحسنات من ميزانه وقد صح ان الميزان له لسان وكفتان أخرجه ابن المبارك فى الزهد والآجري وأبو الشيخ فى تفسير عن ابن عباس وأخرج ابن مردوية عن عائشة قالت سمعت رسول اللّه ـ ﷺ ـ يقول خلق اللّه عز وجل كفتى الميزان مثل السماء والأرض وأورد الموازين بلفظ الجمع لأن من ثقلت جمع معنى وافراد الضمير الراجع إليه نظرا إلى افراد لفظه فمقابلة الجمع بالجمع تقتضى انقسام الآحاد على الآحاد لكن على هذا التأويل تدل الآية على كون الميزان كل رجل على حدة وجاز ان يعتبر تعدد الموازين من حيث تعدد من يوزن أعمالهم.
فَهُوَ هذا أيضا باعتبار لفظة من فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ط أسند الرضى إلى العيشة مجازا وهى صفة لصاحبها كما فى ناصية كاذبة وقيل الفاعل هاهنا بمعنى المفعول أى عيشة مرضية كعكسه فى وعدا ماتيا أو بمعنى ذات رضى.
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ أى اعماله الحسنة أو كفة حسناته وهذا يعم الكافر الذي لا حسنة له لفقد الايمان الذي