ج ١٠، ص : ٣٤٧
واصطفى من بنى كنانة قريشا واصطفى من قريش بنى هاشم واصطفاني من بنى هاشم رواه البغوي وعن أبى هريرة عن النبي ـ ﷺ ـ الناس تبع بقريش فى هذا الشان مسلمهم وكافرهم متفق عليه وعن جابر مرفوعا الناس تبع لقريش فى الخير والشر رواه مسلم قلت لعل المراد من الحديث الأول قوة استعداد قريش ومن ثم ترى أفضل الصحابة واكثر اولياء منهم وبالآخرين انه تعالى لما بعث خاتم النبيين منهم فكانهم هم المخاطبون اولا بالشرائع والايمان وساير الناس تبع لهم قال اللّه تعالى وما أرسلنا من رسول الا بلسان قومه ليبين لهم وقال اللّه تعالى وانذر عشيرتك الأقربين فمن أمن منهم سن سنة حسنة باتباع الرسول فلهم أجرهم واجر من تبعهم ولذا صاروا أفضل الناس بعد الأنبياء ومن كفر منهم وسلك طريق مخالفة النبي ـ ﷺ ـ فى بدو الأمر ثم مات على ذلك فعليه اثم من كفر بعدهم كما ان قابيل أول من قتل يقاسم أهل النار بضعف عذاب جهنم قسمه صحابا أخرجه البيهقي عن ابن عمرو قد مر فى سورة والشمس فى حديث انه أشقى الناس وعن ابن عمر مرفوعا قال لا يزال هذا الأمر فى قريش ما بقي منهم اثنان متفق عليه وعن معاوية قال سمعت رسول اللّه ـ ﷺ ـ يقول ان هذا الأمر فى ق ريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين رواه البخاري قلت المراد بالأمر الخلافة والغرض من حديث ابن عمر وجواب استخلاف قريش وليس الغرض منه الاخبار والغرض من حديث معاوية الدعاء بالسوء على من نبى من خليفة قريشى عادل وعن سعد رض عن النبي ـ ﷺ ـ قال من يرد هو ان قريش اهانه اللّه رواه الترمذي وعن ابن عباس قال قال رسول اللّه ـ ﷺ ـ فضل اللّه قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطها أحدا بعدهم فضل اللّه قريشا انى
منهم وان النبوة فيهم وان الحجابة فيهم وان السقاية فيهم ونصرهم على الفيل وعبدوا اللّه عشر سنين لم يعبدوه غيرهم وانزل اللّه فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحدا غيرهم ليلاف قريش رواه الحاكم والطبراني والبخاري فى التاريخ وعن زبير بن العوام مثله غير انه لم يذكر انى منهم بل ذكران فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية والثلاثة النصر على الفيل وعبدوا اللّه عشر سنين ونزلت فيهم ليلاف قريش رواه الطبراني فى الأوسط.
إِيلافِهِمْ بدل من الإيلاف الأول اتفق غير أبى جعفر على انها بياء بعد الهمزة فى اللفظ دون الخط الا عبد الوهاب بن فليح عن ابن كثير فانه قرأ الفهم ساكنة اللام واطلاق الإيلاف اولا
ج ١٠، ص : ٣٤٨
ثم ابدال المقيد عنه بقوله رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ ج للتفخيم فانه كان من أعظم نعم اللّه عليهم وذاك لأن الحرم كان واديا جديا لا زرع فيه ولا ضرع فلولا الرحلتان لهم بالتجارة لم يكن لهم مقام ولا معاش ولو لا ان جعل اللّه مكة حرما محترما بحيث يكون الناس ويتقرضون لهم بالسوء قائلين قريش سكان حرم اللّه ولاة بيته لم يقدروا على الرحلتين فكانوا يرتحلون رحلة فى الشتاء إلى اليمن لانها ادفأ وفى الصيف إلى الشام لانها برد فيمتارون ويتجرون ويربحون قال عطاء عن ابن عباس انهم كانوا فى ضر ومجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين وكانوا يقسمون ربحهم بين الفقير والغنى حتى كان فقيرهم كغنيهم قال الكلبي كان أول من حمل السمراء من الشام ورحل إليها الإبل هاشم بن عبد مناف قال البغوي فشق عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام فاخصبت تبالة وحرش من اليمن فحملوا الطعام إلى مكة أهل الساحل من البحر على السفن واهل البر على الإبل والحمير فألقى أهل الساحل بجدة واهل البر بالمحصب وأخصبت أهل الشام فحملوا الطعام إلى مكة فالقوا بالأبطح فامتاروا من قريب وكفاهم اللّه مونة الرحلتين وأمرهم بعبادة رب هذا البيت فقال.
ْيَعْبُدُوا
ان كان لام لايلاف متعلقا بما قبله أو للتعجب فالفاء للعطف والسببية وان كان متعلقا بما بعده فهى زايدة أو فى جواب شرط مقدر كما مربَّ هذَا الْبَيْتِ
اى الكعبة يعنى اللّه سبحانه ذكر اللّه تعالى بصفة ربوبية البيت ولكون البيت باعثا لامنهم.
الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ع خوف اصحاب الفيل أو التخطف ببلدهم أو فى السفر يجعلهم من اصحاب الحرم وقال الضحاك والربيع والسفيان امنهم من خوف انهدام فلا يصيب ببلدهم ذلك كله بدعاء ابراهيم عليه السلام رب اجعل هذا بلدا أمنا وارزق اهله من الثمرات عن أبى الحسن القزويني موقوفا ان خاف من عدو أو غيره فقراءة لايلاف قريش أمان عن كل سوء ذكره الجزري فى الحصن الحصين وقال مجرب قلت وقد أمرني شيخى وامامى قدس اللّه سره السامي بقراءته فى المخاوف لدفع كل سوء وبلاء وقال مجرب قلت وقد جربته كثيرا واللّه تعالى أعلم.


الصفحة التالية
Icon