ج ٢قسم ١، ص : ٩
تأخير بيانه عن وقت الحاجة كيلا يلزم التكليف بما لا يطاق - فان قيل قال الله تعالى الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ وقال فى موضع اخر كتبا متشابها فكيف فرق هاهنا فقال مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ... - وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ قلنا حيث جعل القرآن كله محكما فمعناه انه متقن محفوظ عن فساد المعنى ودكاكة اللفظ لا يستطيع أحد معارضته والطعن فيه - وحيث جعل كله متشابها أراد ان بعضه يشبه بعضا فى الحسن والكمال - وفرق هاهنا من حيث وضوح المعنى وخفائه - فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ أى ميل عن الحق قال الربيع هم
وفد نجران خاصموا النبي ﷺ فى عيسى عليه السلام وقالوا له ا لست تزعم انه كلمة الله وروح منه قال بلى قالوا « ١ » حسبنا فانزل الله تعالى هذه الآية وقال الكلبي هم اليهود طلبوا علم أجل هذه الامة واستخراجه بحساب الجمل قال ابن عباس انّ رهطا من اليهود منهم حيى بن اخطب وكعب بن الأشرف ونظراؤهما أتوا النبي ﷺ فقال حيى بلغنا انه انزل عليك الم فننشدك الله انزل عليك قال نعم قال فان كان ذلك حقا فانى اعلم مدة تلك أمتك هى احدى وسبعون سنة فهل انزل غيرها قال نعم المص قال فهذه اكثر هى احدى وستون ومائة سنة فهل غيرها قال نعم الر قال هذه اكثر هى مائتين واحدى وثلاثون سنة فهل غيرها قال نعم المر قال هذه اكثر وهى مائتان واحدي وسبعون سنة ولقد خلطت علينا فلا ندرى ا بكثيره نأخذ أم بقليلة ونحن مما لا نؤمن بهذا فانزل الله تعالى هذه الآية وقال ابن جريح هم المنافقون وقال الحسن هم الخوارج كذا أخرج أحمد وغيره عن أبى امامة عن النبي ﷺ - وكان قتادة إذا قرأ هذه الآية فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ قال ان لم يكونوا الحرورية والسابية فلا أدرى من هم وقيل هم جميع المبتدعة والصحيح ان اللفظ عام لجميع من ذكر وجميع اصناف المبتدعة عن عائشة قالت تلا رسول الله ﷺ هذه الآية هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ إلى قوله أُولُوا الْأَلْبابِ قالت قال رسول الله ﷺ فإذا رايت الذين يتبعون ما تشابه منه فاولئك الذين سمى الله فاحذروهم رواه البخاري - وعن أبى مالك الأشعري انه سمع النبي ﷺ يقول ما أخاف على أمتي الا ثلاث خلال وذكر منها ان يفتح لهم الكتاب فيأخذه يبتغى تأويله وليس « ٢ » يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ
الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ
_________
(١) فى الأصل قال
(٢) وفى القرآن وَما يَعْلَمُ


الصفحة التالية
Icon