ج ٢قسم ١، ص : ٣٠
حرف النداء تقديره يا مالك الملك ولا يجوز جعله صفة للمنادى لأن المنادى الأول مكفوف كصوت بلحوق كلمة هو ومثله لا يوصف كذا قال سيبويه ونقض بسيبويه النحوي ودفع بان الصوت هنا لم يبق على معناه بجعله جزءا للكلمة بخلاف ما نحن فيه - والملك مصدر يشتق منه الملك والمراد به المفعول أريد به عالم الإمكان واللام للاستغراق فان الله تعالى خالقه ومالكه يتصرف فيه كيف يشاء ويهب منه ما يشاء لمن يشاء لا يجوز لاحد ان يتصرف فى شىء من الأشياء الا باذنه وتمليكه تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ واللام فى اللفظين للعهد الذهني والمعنى تعطى من الملك ما تشاء من تشاء وتسترد كذلك - عدل من الضمير إلى الظاهر وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ فى الدنيا أو فى الاخرة أو فيهما بالنصر والأدبار والتوفيق والخذلان فى الدنيا والثواب والعذاب فى الاخرة بِيَدِكَ الْخَيْرُ قيل تقديره بيدك الخير والشر فاكتفى بذكر أحدهما كما فى قوله تعالى سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ أى الحر والبرد وقيل خص ذكر الخير لسياق الكلام فيه حيث وعد النبي ﷺ أمته ملك فارس والروم وقيل ذكر الخير وحده لأنه المقضى بالذات والشر مقضى بالعرض إذ لا يوجد شر جزئى ما لم يتضمن خيرا كليا أو لمراعات الأدب فى الخطاب - قلت لعل المراد بالخير الوجود فالوجود الحقيقي الذي لاحظّ له من العدم مختص بالواجب لذاته خير محض ليس فيه شائبة من الشر - والوجود الظلي الذي به تحقق الممكن فى الخارج الظلي مستفاد من الواجب - والعدم الذي هو حصة من الشر فى الممكن ذاتى له غير مستفاد من العلة - ومعنى اسناد الشر إلى الله تعالى ان الممكن الذي الشر داخل فى مفهومه وبعض افراده اكثر شرا من البعض وحصة الوجود منه مستند إلى الوجود الحق واما حصة الشر منه فذاتى له فما اصدق قوله تعالى بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى
كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٢٦) ولا يقدر أحد غيرك على شىء أصلا وقدرة العباد انما هى قدرة متوهمة بها يسمى العبد كاسبا واللّه خلقهم وما يعملون - قال البيضاوي نبه بهذه الجملة على ان الشر أيضا بيده - قلنا نعم لكن معنى كونه تعالى قادرا على الشر وكون الشر بيده انه تعالى قادر على عدم افاضة الخير فان القدرة معناه ان شاء فعل وان شاء لم يفعل وإذا
لم يفعل الخير بقي الممكن على الشر الأصلي -.
تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ يعنى تدخل أحدهما فى الاخر