ج ٢قسم ١، ص : ٤٤
والحسن والحسين وجميع أهل بيته حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو فاوسعت على جيرانها -.
هُنالِكَ أى فى ذلك المكان أو ذلك الوقت حين راى زكريا كرامة مريم وسعة رحمة اللّه وراى ان أهل بيته قد انقرضوا وليس له ولد يرثه العلم والنبوة وخاف مواليه أى بنى أعمامه ان يضيعوا الدين بعده دخل المحراب وغلق الأبواب ودَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ يا رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ أى من عندك وعلى خرق عادة جرت منك (حيث كانت امرأته عاقرا وهو كان شيخا كبيرا) كما تهب الرزق لمريم على خرق العادة ذُرِّيَّةً أى ولدا يطلق على الواحد والجمع والذكر والأنثى طَيِّبَةً انّثها نظرا إلى لفظ الذرية يعنى صالحا معصوما طاهرا من الذنوب إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) أى مجيبه.
فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ قرأ حمزة وخلف - والكسائي فناديه بالألف والامالة على التذكير لأن الفاعل اسم ظاهر مؤنث غير حقيقى والباقون بالتاء لتانيث لفظ الملائكة وكونها جمعا مكسرا - عن ابراهيم قال كان عبد الله يذكّر الملائكة فى القرآن - قال أبو عبيد اختار ذلك خلافا للمشركين فى قولهم الملائكة بنات اللّه وكان المنادى جبرئيل وحده أخرجه ابن جرير عن ابن مسعود فوجه إيراد صيغة الجمع أى الملائكة قال المفضل بن سلمة إذا كان القائل رئيسا يجوز الاخبار عنه بالجمع لاجتماع أصحابه معه وكان جبرئيل رئيس الملائكة وقلما يبعث الا ومعه جمع فجرى على ذلك وقيل معنى نادته الملائكة أى من جنسهم كقولك زيد يركب الخيل وَهُوَ أى زكريا قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أى فى المسجد وذلك ان زكريا كان الحبر الكبير الذي يقرب القربان ويفتح باب المذبح فلا يدخل أحد حتى يأذن لهم فى الدخول - فبينا هو قائم يصلى فى المسجد عند المذبح والناس ينتظرون ان يأذن لهم فى الدخول إذا هو برجل شابّ عليه ثياب بيض ففزع منه وهو جبرئيل فناداه يا زكريا أَنَّ اللَّهَ قرأ حمزة وابن عامر انّ بكسر الهمزة على إضمار القول تقديره فنادته الملئكة فقالت انّ اللّه والباقون بالفتح أى نادته بان الله يُبَشِّرُكَ قرأ حمزة يبشرك بفتح الياء وسكون الباء وضم الشين وكذا بابه بالتخفيف حيث وقع فى كل القرآن من بشر يبشر وهى لغة تهامة الا قوله فبم تبشّرون فانهم اتفقوا على تشديدها ووافقه الكسائي هاهنا فى موضعين وفى سبحان والكهف وعسق ووافقهما ابن كثير وأبو عمرو فى عسق والباقون بضم الياء وفتح الباء وتشديد الشين من التفعيل