ج ١، ص : ٥٦
لوجوب السجود توبة لما صدر عنهم صورة الاعتراض - واللام حينئذ للسببية نحو صل لدلوك الشمس واما المعنى اللغوي وهو التواضع والتذلل لادم تحية وتعظيما كسجود اخوة يوسف قال البغوي - هذا القول أصح قال ولم يكن فيه وضع الوجه على الأرض انما كان انحناء فلما جاء الإسلام أبطل ذلك بالسلام - قلت لعلهم انما أمروا بتعظيم آدم شكرا له وأداء لحقه في التعليم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - من لم يشكر الناس لم يشكر اللّه - رواه أحمد والترمذي وصححه من حديث أبى سعيد - فَسَجَدُوا يعنى الملائكة كلهم أجمعين إِلَّا إِبْلِيسَ هذا يدل على ان إبليس كان من الملائكة لصحة الاستثناء كما مر عن ابن عباس فعلى هذا لا يكون الملائكة كلهم معصومين بل الغالب منهم العصمة كما ان بعضا من الانس معصومون والغالب منهم عدم العصمة - وقيل كان جنيا نشأ بين الملائكة ومكث فيهم ألوف سنين فغلبوا عليه ويحتمل كون الجن أيضا مامورين بالسجود مع الملائكة لكنه استغنى عن ذكرهم بذكر الملائكة لأن الأكابر لما أمروا بالسجود فالاصاغر اولى - ولعل ضربا من الملائكة كانوا متحدى الحنس بالشياطين مختلفين بالعوارض وما روى مسلم عن عائشة خلقت الملائكة من نور وخلقت الجن من مارج من نار وخلق آدم مما وصف لكم - يحمل على اختلاف حقيقة بعض الملائكة من حقيقة الجن دون بعضهم وهم الذين لا يوصفون بالذكورة والأنوثة ولا يتوالدون - أو يقال النّار والنور حقيقة واحدة والامتياز بينهما بالتهذيب والصفاء وبدونه - وقوله تعالى وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً - وهو قولهم الملائكة بنات اللّه دليل على اتحاد حقيقتهما واللّه اعلم بحقيقة الحال - أَبى امتنع من السجود وَاسْتَكْبَرَ من ان يعظّم آدم - أو يتخذه وصلة في عبادة ربه - وَكانَ فى علم اللّه أو صار مِنَ الْكافِرِينَ (٣٤) باستقباحه امر اللّه تعالى إياه بالسجود لادم اعتقادا منه انه أفضل من آدم
حيث قال أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ لا بترك الواجب وحده -.
وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ - قال البغوي ان آدم لم يكن له في الجنة من يجانسه فنام نومة فخلق اللّه زوجته حواء من قصيرى شقه الأيسر فلما هب من نومه راها جالسة عند رأسه كاحسن ما خلق اللّه فقال لها من أنت قالت زوجتك خلقنى اللّه لك تسكن الىّ واسكن إليك - وانما لم يخاطبهما اولا تنبيها على انه هو المقصود بالحكم وَكُلا مِنْها رَغَداً واسعا كثيرا حَيْثُ شِئْتُما اين شئتما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ (٣٥) منع عن قرب الشجرة مبالغة في النهى عن أكله لأن قرب الشيء يورث داعية وميلانا إلى ذلك الشيء فيلهيه


الصفحة التالية
Icon