ج ١، ص : ٦٠
بتقليدهم وكان حجة على غيرهم - فقال.
يا بَنِي إِسْرائِيلَ أى أولاده والابن من البناء لأنه مبنى أبيه ولذلك ينسب المصنوع إلى الصانع - ويقال أبو الحرب وبنت فكر - وإسرائيل لقب يعقوب عليه السلام ومعناه بالعبرية عبد اللّه وايل هو اللّه - وقيل صفوة اللّه - وقرا أبو جعفر إسرائيل بغير همزة اذْكُرُوا احفظوا - والذكر يكون بالقلب وباللسان فانه دليل على ذكر القلب وقيل اشكروا لأن فى الشكر ذكرا - قال الحسن - ذكر النعمة شكرها - نِعْمَتِيَ لفظها واحد ومعناها جمع الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ - قيد النعمة بهم حتى يحملهم على الرضاء والشكر - واما النعمة على غيرهم فقد يوجب الغيرة والحسد قال قتادة هى النعم التي خصت بها بنوا إسرائيل من فلق البحر وانجائهم من فرعون باغراقه وتظليل الغمام في التيه - وإنزال المن والسلوى - وبعث الأنبياء فيهم - وجعلهم ملوكا وإنزال التورية وغيرها - وقال غيره هى جميع النعم على العباد وَأَوْفُوا بِعَهْدِي بالايمان والطاعة أُوفِ بِعَهْدِكُمْ بالاثابة - والعهد يضاف إلى المعاهد والمعاهد - ولعل اولا أضاف إلى الفاعل وثانيا إلى المفعول فان اللّه تعالى عهد إليهم بالايمان ووعدهم بالثواب - أو في كليهما أضاف إلى المفعول أى أوفوا بما عاهدتمونى أوف بما عاهدتكم - أخرج ابن جرير بسند صحيح عن ابن عباس قال - أوفوا بعهدي في اتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم أوف بعهدكم في رفع الاصار والاغلال - قال البغوي قال الكلبي عهد اللّه إلى بنى إسرائيل على لسان موسى انى باعث في بنى إسماعيل نبيا اميا فمن تبعه وصدّق بالنور الذي يأتى به غفرت له ذنبه وأدخلته الجنة وجعلت له أجرين اثنين وهو قوله وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يعنى في امر محمد صلى اللّه عليه وسلم - قلت وهذا قوله تعالى في جواب ما قال موسى رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ - إلى قوله إِنَّا هُدْنا إِلَيْكَ قالَ
عَذابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ - الآية - وقال قتادة ومجاهد أراد بها ما ذكر في المائدة وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً إلى ان قال لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ الآية - وقال الحسن هو قوله وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ - فهو شريعة التورية - قلت وان هذين القولين راجعان إلى ما قال ابن عباس والكلبي فان في الأول وآمَنْتُمْ بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ - وكذلك شريعة التورية حاكمة بالايمان بمحمد صلى اللّه عليه وسلم


الصفحة التالية
Icon