ج ١، ص : ٦٣
لا تخلطوا - واللبس الخلط وقد يلزمه جعل الشيء مشتبها بغيره - يعنى لا تخلطوا الحق الذي أنزلت عليكم من صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم بالباطل الذي تكتبونه بايديكم من التغير حتى لا يمين بينهما - وقال مقاتل ان اليهود أقرّوا ببعض صفة محمد صلى اللّه عليه وسلم وكتموا بعضا ليصدّقوا فى ذلك فالحق إقرارهم وبيانهم والباطل كتمانهم - وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ مجزوم داخل تحت حكم النهى أى لا تكتموا - أو منصوب بإضمار ان بعد الواو للجمع أى لا تجمعوا بين لبس الحق بالباطل وكتمان الحق وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٤٢) انه نبى مرسل وانكم تكتمون صفته فانه أقبح فان الجاهل قد يعذر -.
وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ أى صلوة المسلمين وزكاتهم - فيه دليل على ان الكفار مخاطبون بالفروع - والزكوة مشتق من زكا الزرع إذ انما - أو من تزكّى أى تطهر فان فيه تطهير المال وتنميته قال اللّه تعالى - يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ - وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ (٤٣) مع المصلين محمد صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه - ذكر بلفظ الركوع وهو ركن من اركان الصلاة لأن صلوة اليهود لم يكن فيه ركوع - وفيه حث على الصلاة بالجماعة (مسئلة) الجماعة ركن عند داود - وقال أحمد فريضة وليست بركن وعند الجمهور سنة مؤكدة قريب من الواجب يترك سنة الفجر مع كونها أكد السنن عند خوف فواتها - قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم صلوة الجماعة تفضل صلوة الفرد بسبع وعشرين درجة - متفق عليه من - حديث ابن عمر.
أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ - أى بالطاعة وفيه تقرير مع توبيخ وتعجيب والبرّ التوسع في الخير مشتق من البر وهو الفضاء الواسع يتناول كل خير - قال البغوي نزلت في علماء اليهود وذلك ان الرجل منهم كان يقول لقريبه وحليفه من المسلمين إذا ساله عن امر محمد صلى اللّه عليه وسلم اثبت على دينه فان امره حق وقوله صدق - وكذا أخرج الواحدي عن ابن عباس - وقيل هو خطاب لاحبارهم حيث أمروا اتباعهم بالتمسك بالتورية وهم خالفوا التورية وغيروا نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم فيه - وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ تتركونها من البر كالمنسيات - وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ التورية وفيها نعت محمد صلى اللّه عليه وسلم وصفته وفيها الوعيد على العناد ومخالفة القول العمل وترك البر أَفَلا تَعْقِلُونَ (٤٤) قبح صنعكم أو أفلا عقل لكم يمنعكم عما تعلمون قبح عاقبته - والعقل في الأصل الحبس ومنه