ج ٢قسم ٢، ص : ٦٥
فهذه الآية تدل على ان المرأة إذا سبيت مع زوجها أو بدونه وقعت الفرقة بينها وبين زوجها ويحل لمن ملكها وطيها بعد الاستبراء لما روى ان منادى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نادى يوم أوطاس الا لا تنكح الحبالى حتى يضعن حملهن ولا الحيالى حتى يحضن رواه ( « ١ » ) وكذا يحل للمالك تزويجها لغيره وظهران السبي يوجب الصفا للسّابى فى ملك البضع كما يوجب الصفا فى ملك الرقبة وبه قال مالك والشافعي واحمد قالوا ان سبايا أوطاس سبين مع أزواجهن وقال أبو حنيفة لا يقع الفرقة بالسبي الا إذا سبى أحد الزوجين بدون الاخر فان الموجب للفرقة عنده اختلاف الدارين حقيقة وحكما دون السبي قالت الحنفية ان مع اختلاف الدارين لا ينتظم مصالح النكاح فشابه المحرمية والسبي يوجب الصّفا فى ملك الرقبة دون ملك البضع لعدم الاستلزام بينهما وهذا استدلال فى مقابلة النص قال ابن همام روى فى سبايا أوطاس ان النساء سبين وحدهن ورواية الترمذي يفيد ذلك روى عن أبى سعيد قال أصبنا سبايا أوطاس ولهن ازواج فى قومهن فذكروا ذلك لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت هذه الآية قلت وليس فى لفظ الترمذي ما يدل قطعا انهن كلهن سبين بغير ازواج والظاهر فيه قول الشافعي ولو صح انهن سبين كلهن بغير ازواج فالعبرة لعموم اللفظ دون خصوص السبب وقد ذكر اللّه سبحانه الاستثناء من ذوات الأزواج بعنوان ملك اليمين لا بعنوان اختلاف الدّارين وقالت الحنفية الآية ليست على عمومها اجماعا فان مقتضى اللفظ حل المملوكة مطلقا سواء ملكت بالسبي أو الشراء أو الإرث أو نحو ذلك ولا شك ان المشتراة المتزوجة خارجة عن هذا الحكم اجماعا فخصصنا عنها المسبيّة مع زوجها أيضا قلت لا بد لتخصيص العام وان كان ظنيا من دليل شرعى نصّ أو اجماع أو قياس ولا يجوز التخصيص بالرأى على ان الإجماع على كون الامة المشتراة المتزوجة خارجة عن هذا الحكم ممنوع قال البغوي قال ابن مسعود أراد اللّه
تعالى بهذه الآية ان الجارية المتزوجة إذا بيعت يقع الفرقة بينها وبين زوجها ويكون بيعها طلاقا رواه ابن أبى شيبة وابن جرير وعبد بن حميد عنه قلت يمكن ان يقال المراد بالمحصنات الجرائر ذوات الأزواج والتحق بهن بالقياس الإماء ذوات الأزواج فمعنى الآية حرّمت عليكم الحرائر ذوات الأزواج الّا ما ملكت ايمانكم بالسبي والاستيلاء عليهن فحينئذ لا يحتاج إلى تخصيص المملوكة بالشراء أو الإرث من حكم الحل لا قبل الشراء ليست من المحصنات بل من المملوكات بخلاف المسبية فانها كانت قبل السبي حرّة
_________
(١) هكذا بياض فى الأصل -