ج ٢قسم ٢، ص : ٩٢
وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ الآية متفق عليه قيد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الزنى بحليلة الجار لأن فيه إتلاف حق الجار وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأن يزنى الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من ان يزنى بحليلة جاره رواه أحمد عن المقداد بن اسود ورواته ثقات ورواه الطبراني عنه فى الكبير والأوسط ومنها حديث عبد اللّه بن عمرو عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال من اكبر الكبائر ان يسبّ الرجل والديه قال وكيف يسبّ الرجل والديه قال يسبّ أبا الرجل فيسبّ أباه ويسبّ امه فيسبّ امه رواه البغوي وغيره ومنها حديث أبى بكرة قال قال النبي صلى اللّه عليه وسلم الا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قالوا بلى يا رسول اللّه قال الإشراك باللّه وعقوق الوالدين (و جلس وكان متكيا) الا وقول الزور الا وقول الزور الا وقول الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت رواه البخاري، (فائدة) مبالغة النبي صلى اللّه عليه وسلم فى التهديد فى قول الزور لشمولها كثيرا من الكبائر الإشراك باللّه وشهادة الزور واليمين الغموس والقذف والدعوى الباطل والكذب على النبي صلى اللّه عليه وسلم فانه صلى اللّه عليه وسلم قال من كذب على متعمدا فليتبوا مقعده من النار متفق عليه والغيبة التي هى أشد من الزنى رواه البيهقي عن أبى سعيد وجابر مرفوعا والنميمة، عن عبد الرحمن ابن غنم واسماء مرفوعا شرار عباد اللّه مشاؤن بالنميمة رواه أحمد ومدح الفاسق عن أنس مرفوعا إذا مدح الفاسق غضب الرب واهتز له العرش رواه البيهقي ولعن من لا يستحقه فانه من لعن شيئا ليس له أهل رجعت اللعنة عليه رواه الترمذي عن ابن عباس وأبو داؤد عنه وعن أبى الدرداء مرفوعا والطعن والفحش عن ابن مسعود مرفوعا ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش ولا البذيء رواه الترمذي وغير ذلك من المعاصي ولذلك
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من يضمن لى ما بين لحييه وما بين رجليه اضمن له الجنة رواه البخاري عن سهل بن سعد وروى مالك والبيهقي عن صفوان بن سليم مرسلا انه سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أيكون المؤمن جبانا قال نعم قيل أيكون بخيلا قال نعم قيل أيكون كذابا قال لا وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم اية المنافق ثلاث وان صام وصلى وزعم انه مسلم إذا حدث كذب وإذا وعد اخلف وإذا اؤتمن خان رواه مسلم والبخاري نحوه وفى الصحيحين عن عبد الله بن عمرو مرفوعا اربع من كن فيه كان منافقا خالصا
التفسير المظهري، ج ٢قسم ٢، ص : ٩٣
ومن كان فيه خصلة كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا اؤتمن خان وإذا حدث كذب وإذا عاهد غدر وإذا خاصم فجروا للّه اعلم والمرتبة الثالثة من الكبائر ما يتعلق منها بحقوق اللّه تعالى كالزنى والشرب، أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عمرو انه سئل عن الخمر فقال سألت عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال هى اكبر الكبائر وأم الفواحش من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع على امه وعمته وخالته كذا روى عبد ابن حميد عن ابن عباس، عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لا يزنى الزاني حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق « ١ » السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن فاياكم إياكم متفق عليه وفى رواية عن ابن عباس ولا يقتل حين يقتل وهو مؤمن رواه البخاري قلت واللواطة فى معنى الزنى وقد قال اللّه تعالى فيها أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ وأشد من السرقة قطع الطريق فان فيه قوله تعالى إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ الآية ويلحق بالسرقة التطفيف قال اللّه تعالى وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ والخيانة فبئست البطانة وهى من علامات النفاق وأعظم الذنوب من هذا الباب ما يستحقره الفاعل ويزعمه سهلا فان استحقار الذنب وان كان صغيرا يبعده عن
المغفرة ويدل على التمرد وربما يفضى إلى الكفر وما استعظمه وخاف عنه فهو يستحق المغفرة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم المؤمن يرى ذنبه كأنّ جبلا على راسه والمنافق يرى ذنبه كذباب على انفه قال به هكذا فطارت وعن أنس قال انكم لتعملون أعمالا هى أدق فى أعينكم من الشعر ان كنا نعد على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الموبقات رواه البخاري واحمد مثله عن أبى سعيد بسند صحيح وبهذا التحقيق يظهر انه من قال بحصر الكبائر فى سبع ونحو ذلك فقد اخطأ وان « ٢ » الصغيرة بالإصرار وكذا بالاستحقار يصير كبيرة أخرج ابن أبى حاتم عن سعيد بن جبير انّ رجلا سال ابن عباس عن الكبائر أسبع هى قال هى إلى « ٣ » سبعمائة اقرب الا انه لا كبيرة مع استغفار ولا صغيرة مع اصرار، وقال كل شىء عصى اللّه به فهو كبير فمن عمل شيئا
_________
(١) السرقة والخيانة والتطفيف من القسم الثاني منه رحمه اللّه
(٢) أخرج الترمذي وابن أبى حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر وكذا أخرج ابن أبى شيبة عن عمرو أبى موسى وابى قتادة من قولهم منه رحمه اللّه -
(٣) فى الأصل إلى السبعمائة


الصفحة التالية
Icon