ج ٢قسم ٢، ص : ٩٦
وسلوا وسل فسل يعنى الأمر الحاضر منه إذا كان قبله واو أو فاء بنقل حركة الهمزة إلى السين وحذف تلك الهمزة وقرا حمزة فى الوقف على أصله والباقون بسكون السين مهموزا إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُلِّ شَيْ ءٍ عَلِيماً (٣٢) فهو عليم بما يستحقه كل انسان من الفضائل وهذا يقتضى سبق استعداد لكل امرئ بما فضله اللّه به والاستعداد متفرع على استناد الأشياء إلى الأعيان الثابتة كما قرّره الصوفية العلية رضى اللّه عنهم -.
وَلِكُلٍّ المضاف إليه محذوف والظرف متعلق بقوله جَعَلْنا أى جعلنا لكل مال أو لكل أحد من الأموات مَوالِيَ أى ورثة يحرزون الأموال ويرثون الأموات مِمَّا تَرَكَ أى تركه ظرف مستقر صفة لمال مقدر على التقدير الاوّل ولا بأس بالفصل بالعامل لأن حقه التقديم وظرف لغو متعلق بفعل مقدر دلّ عليه الموالي على التقدير الثاني أى يرثون مما تركه وذلك الفعل المقدر صفة لموالى وقوله الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ على التقدير الاوّل فاعل لترك وعلى التقدير الثاني استيناف مفسّر للموالى وفاعل ترك ضمير راجع إلى كل تقديره هم الوالدان والأقربون وجاز ان يقال لكل خبر وجعلنا موالى صفة والعائد محذوف وقوله مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ صفة لمبتدا محذوف تقديره لكل جماعة من ورثة جعلناهم موالى حظ ممّا ترك الوالدان والأقربون وَالَّذِينَ « ١ » عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ معطوف على الوالدان والأقربون فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ جملة مبينة عن الجملة المتقدمة وجاز ان يكون الموصول مبتدأ متضمنا بمعنى الشرط وقوله تعالى
_________
(١) روى أبو داود فى ناسخه عن داود بن الحصين قال كنت اقرأ على أم سعد ابنة الربيع وكانت يتيمة فى حجر أبى بكر فقرأت عليها والّذين عاقدت ايمانكم فقالت لا ولكن وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ انها نزلت فى أبى بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى ان يسلم فحلف أبو بكر انه لا يورثه فلما اسلم امره اللّه ان يورثه نصيبه قلت وعلى هذا التأويل لا حجة بالآية على ايراث مولى الموالاة روى عبد بن حميد وابن أبى حاتم عن أبى مالك قال كان الرجل فى الجاهلية يأتى القوم فيعقدون له انه رجل منهم ان كان ضرّا أو نفعا أو دما فانه فيهم مثلهم ويأخذون له من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا يا فلان أنت منا فانصرنا وان كانت منفعة قالوا أعطنا أنت منا ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا إذا استنصر وإن نزل به امر أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم ولم يعطوه مثل الذي يأخذون منه فاتوا لنبى صلى اللّه عليه وسلم فسالوه وتحرجوا من ذلك وقالوا قد عاقدنا فى الجاهلية فانزل اللّه تعالى والّذين عاقدت ايمانكم فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ يعنى أتوهم مثل الذي تأخذون منهم واخرجاه من وجه اخر عن أبى مالك قال هو حليف القوم يقول اشهدوا أمركم ومشورتكم وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير عن ابن عمرو ان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم الفتح أوفوا بحلف الجاهلية فانه لا يزيد الإسلام الا شدة ولا تحدثوا حلفا فى الإسلام وأخرج أحمد ومسلم عن جبير بن مطعم ان النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لا حلف فى الإسلام وايّما حلف كان فى الجاهلية فلم يزده الإسلام الا شدة وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رقعه كل حلف كان فى الجاهلية لم يزده الإسلام الا حدة وشدة وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال قال رسول الله ﷺ لا حلف فى الإسلام منه رحمه الله


الصفحة التالية
Icon