ج ١، ص : ٧٧
فيه افضاهم إلى الكفر وقتل الأنبياء وقيل كرر الاشارة للدلالة على ان لحوق الغضب بهم كما هو بسبب الكفر كذلك بالمعاصي واعتداء حدود اللّه -.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا بمحمد صلى اللّه عليه وسلم بألسنتهم أعم من ان يؤمنوا بقلوبهم أو لم يؤمنوا فدخل فيهم المنافقون وَالَّذِينَ هادُوا أى تهوّدوا - يقال هاد إذا دخل في اليهودية ويهود اما عربى من هاد بمعنى تاب سموا بذلك لما تابوا من عبادة العجل - أو لقولهم انّا هدنا إليك واما معرّب يهودا سموا بذلك اسم اكبر أولاد يعقوب عليه السلام وَالنَّصارى جمع نصران كندمان والياء في النصراني للمبالغة كما في أحمري سموا بذلك لانهم نصروا المسيح أو لانهم نزلوا مع المسيح في قرية يقال لها ناصرة أو نصران - وَالصَّابِئِينَ قرأ أهل المدينة بغير الهمزة والباقون بالهمزة وأصله الخروج يقال صبا فلان إذا خرج من دين إلى اخر - وصبا ناب البعير إذا خرج - وهم خرجوا من كل دين - قال عمرو ابن عباس هم قوم من أهل الكتاب - فقال عمر يحل ذبائحهم وقال ابن عباس لا يحل ذبائحهم ولا مناكحتهم - وقال مجاهدهم قوم نحو الشام بين اليهود والمجوس من أهل الكتاب - وقال الكلبي هم بين اليهود والنصارى - وقال قتادة...
هم قوم يقرءون الزبور ويعبدون الملائكة ويصلّون إلى الكعبة أخذ ومن كل دين شيئا مَنْ آمَنَ منهم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ مع محمد صلى اللّه عليه وسلم بالقلب واللسان - وقيل المراد بالذين أمنوا المخلصين من أمة محمد صلى اللّه عليه وسلم - وقيل هم المؤمنون من الأمم الماضية - وقيل هم الذين أمنوا قبل البعث وهم طلاب الدين مثل حبيب النجار - وقس بن ساعدة - وزيد بن عمرو بن نفيل - وورقة بن نوفل - والبراء الشنّى - وابى ذر الغفاري وسلمان الفارسي - وبحيرا الراهب - ووفد النجاشي فمنهم من أدرك النبي صلى اللّه عليه وسلم وتابعه ومنهم من لم يدركه قال الخطيب الّذين أمنوا بإبراهيم عليه السلام وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ الذين كانوا على دين موسى وعيسى قبل النسخ - وحينئذ المراد بمن أمن أى مات منهم على الايمان - قلت ويمكن ان يكون من أمن اشارة إلى الذين « ١ » كمل ايمانهم بتصفية القلب وتزكية النفس والقالب وهم الصوفية - كما في قوله عليه السلام... لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين - رواه الشيخان واحمد والنسائي وابن ماجة عن انس
_________
(١) لكن يلفو حينئذ ذكر العمل الصالح لأن كمال الايمان بتصفية لقلب وتزكية النفس والقالب ليس وراءه مرتبة يعز عنها بالعمل الصالح - قلت العمل الصالح لازم لتصفية القلب وتزكية النفس والقالب ومترتب عليه لاغيره قال عليه السلام ان في جسد بنى آدم لمضغة إذا صلحت صلح الجسد كله فجاز العطف وذكر العمل الصالح - منه رحمه اللّه


الصفحة التالية
Icon