ج ١، ص : ٨٠
الى قرية اخرى وألقاه بفنائهم - ثم أصبح يطلب ثاره وجاء بناس يدّعى عليهم القتل - فسالهم موسى عليه السلام فجحدوا فاشتبه الأمر على موسى فسالوه ليبين لهم بدعائه فقال موسى إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً - مأخوذ من البقر بمعنى الشق وهى تبقر الأرض للحراثة قالُوا استبعادا لما قاله واستخفافا به أَتَتَّخِذُنا هُزُواً مصدر بمعنى المفعول أى مهزوّا بنا - أو حمل مبالغة أو بحذف المضاف أى أهل هزو - قرأ حفص هزوا - وكفوا بضم الزاء والفاء من غير همز - وحمزة بإسكان الزاء والفاء « ١ » وبالهمز وصلا فإذا وقف أبدل الهمزة واوا على أصله « ٢ » والباقون بالضم والهمزة - قالَ موسى أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ (٦٧) فان الاستهزاء والجواب لا على وفق السؤال من عادة الجهال - نفى عن نفسه ما رمى به على طريقة البرهان وأخرج فى صورة الاستعاذة استعظاما له - فلما علم القوم ان ذبح البقرة عزم من اللّه عز وجل وكان حصول المقصود من ذبح البقرة مستبعدا عندهم وزعموا انها بقرة عظيمة الشأن فاستوصفوها ولم يكن ذلك الا لفرط حماقتهم قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لو ذبحوا أى بقرة أرادوا لاجزتهم ولكنهم شددوا على أنفسهم فشدد اللّه عليهم - رواه سعيد بن منصور عن عكرمة مرسلا وأخرجه ابن جرير بسند صحيح عن ابن عباس موقوفا وكان للّه تعالى فيه حكمة - وذلك انه كان في بنى إسرائيل رجل صالح له ابن طفل وكان له عجل اتى بها إلى غيضة وقال اللهم انى استودعك هذه العجل لابنى حتى يكبر ومات الرجل فصارت العجلة في الغيضة عوانا وكانت تهرب من كل من راها - فلما كبر الابن كان بارا بوالدته وكان يقسّم الليلة ثلاثة أثلاث يصلى ثلثا وينام ثلثا ويجلس عند رأس امه ثلثا فإذا أصبح انطلق فاحتطب على ظهره فيأتى به إلى السوق فيبيعه بما شاء اللّه ثم يتصدق بثلثه ويأكل ثلثه ويعطى والدته ثلثه فقالت له امه يوما ان
أباك ورثك عجلة استودعها اللّه في غيضة كذا فانطلق فادع اللّه ابراهيم وإسماعيل وإسحاق عليهم السلام ان يردها عليك وعلامتها انك إذا نظرت إليها تخيل إليك ان شعاع الشمس يخرج من جلدها - وكانت تلك البقرة تسمّى المذهّبة لحسنها وصفرتها - فاتى الفتى الغيضة فراها ترعى فصاح بها وقال اعزم عليك باله ابراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب - فاقبلت تسعى حتى قامت بين يديه فقبض على عنقها يقودها - فتكلمت بإذن اللّه تعالى وقالت أيها الفتى البار
_________
(١) قرأ يعقوب أيضا كفؤا بإسكان الفاء - أبو محمد
(٢) اصل الحمزة في أمثاله النقل وإسقاط الهمزة - أبو محمد


الصفحة التالية
Icon