ج ١، ص : ٨٢
لكن يدل على جواز تقييد المطلق المأمور به بعد ما كان جاريا على إطلاقه ويكون التقييد في حكم النسخ ان كان متراخيا كما في ما نحن فيه ويجوز النسخ قبل إتيان المأمور به كما في خمسين صلوة وجبت ليلة الاسراء ويكون تخصيصا ان لم يكن متراخيا كما في قوله تعالى فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ في قراءة الجمهور في كفارة اليمين - وثلثة ايّام متتابعات في قراءة ابن مسعود رضى اللّه عنه - ولذلك ذهب أبو حنيفة إلى ان المطلق لا يجوز حمله على المقيد ان كانتا في حادثتين كما في قوله تعالى تحرير رقبة في كفارة الظهار ورقبة مؤمنة في كفارة القتل - وكذا ان كانا فى حادثة واحدة وكان الإطلاق والتقييد في السبب نحو قوله صلى اللّه عليه وسلم أدوا عن كل حر وعبد وفي حديث اخر أدوا عن كل حر وعبد من المسلمين - فعندنا يجب صدقة الفطر عن عبد مسلم بالحديثين جميعا وعن عبد كافر بالحديث الأول فقط لكن ان كانا في الحكم والحادثة الواحدة « ١ » يحمل المطلق على المقيد ألبتة إذ لا سبيل إلى الجمع بينهما الا به والمطلق يحتمل التقييد ولذا قلنا بوجوب التتابع في صيام الكفارة في اليمين - روى ابن جرير عن أبى هريرة انه لما نزلت وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ قال عكاشة بن محصن أكل عام فاعرض عنه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى أعاد ثلثا فقال لا ولو قلت نعم لوجبت ولو وجبت لما استطعتم - وهذا يدل على ان المطلق يحتمل التقييد بَقَرَةٌ لا فارِضٌ مسنة لا تلد يقال فرضت البقرة فروضا من الفرض بمعنى القطع كانها انقطعت سنها وَلا بِكْرٌ صغيرة لم تلد قط وتركيب البكر للاولية ومنه الباكورة وحذفت الهاء منهما للاختصاص بالإناث كالحائض - عَوانٌ أى نصف قال الأخفش العوان التي نتجت مرارا يقال عونت المرأة إذا زادت على الثلثين - بَيْنَ ذلِكَ أى ما ذكر من الفارض والبكر فانه يضاف إلى متعدد فَافْعَلُوا ما تُؤْمَرُونَ (٦٨) أى ما تؤمرونه بمعنى
تؤمرون به أو أمركم أى مأموركم - وفيه حث إلى المسارعة فى الامتثال وتوبيخ على تكرار السؤال.
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها - فاقع تأكيد لصفرة لونها مرفوع على الفاعلية قال ابن عباس شديد الصفرة وقال الحسن الصفراء السوداء - وليس بشىء فان الفقوع خلوص الصفرة ولذلك يؤكد به فيقال اصفر فاقع كما يقال اسود حالك - واحمر قانى - واخضر ناضر وابيض تقق للمبالغة تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (٦٩) إليها « ٢ » - أى تعجبهم والسرور لذة في القلب عند حصول نفع أو توقعه.
قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ تكرير للسوال الأول واستكشاف
_________
(١) فى الأصل واحدة -
(٢) فى الأصل إليهم