ج ١، ص : ٨٦
كنعت محمد صلى اللّه عليه وسلم واية الرجم وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) انهم كاذبون هذا قول مجاهد وقتادة - وعكرمة - والسدى وجماعة أو المراد قد كان فريق من أسلافهم يسمعون كلام اللّه ثم يحرفونه وهذا ما قال ابن عباس انها نزلت في السبعين الذين اختارهم موسى عليه السلام لميقات ربه فهم لمّا رجعوا بعد ما سمعوا كلام اللّه إلى قومهم فاما الصادقون منهم فادوا كما سمعوا وقالت طائفة منهم سمعنا يقول في اخر كلامه ان استطعتم ان تفعلوا فافعلوا وان شئتم فلا تفعلوا فهذا تحريفهم وهم يعلمون انه الحق.
وَإِذا لَقُوا يعنى من اليهود الذين كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وقد مر ذكرهم من قبل الَّذِينَ آمَنُوا من أهل المدينة حين شاوروهم في اتباع محمد صلى اللّه عليه وسلم قالُوا آمَنَّا يعنى صدقنا في أنفسنا بان رسولكم هو المبشر به في التورية فاتبعوه وأمنوا به - وقال ابن عباس المراد بهم المنافقون من اليهود وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا كايمانكم وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ إلى كعب بن الأشرف ووهب بن يهود أو غيرهم من رؤساء اليهود لاموهم على ذلك وقالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ وعلمه وبيّنه في التورية لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ يوم القيامة انهم كانوا يعلمون بصدق محمد صلى اللّه عليه وسلم ويأمروننا باتباعه ومع ذلك كفروا به علانية أو سرّا - وأشار البيضاوي إلى البحث في هذا التقرير وقال وقيل عند ربّكم في القيامة وفيه نظر إذا لا خفاء لا يدفعها - قلت نعم الإخفاء لا يدفعها لكنهم لكمال حماقتهم قالوا هذا كما قالوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْ ءٍ مع ادعائهم بانزال التورية على موسى - وقد مر في قصصهم من أقوالهم وأفعالهم بعد ما راووا الآيات البينات من موسى عليه السلام ما لا يقولها إلّا مجنون - وكما ان اصحاب الصيب يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ مع ان جعلهم الأصابع في الاذان لا يجديهم من الصواعق شيئا ويؤيد هذا التفسير تذئيل الآية أَفَلا تَعْقِلُونَ والآية الذي بعده - أو المراد لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أى ليحتج اصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم عليكم بما انزل ربكم في كتابه جعل محاجتهم بكتاب اللّه وحكمه محاجة عنده مجازا - كما يقال عند اللّه كذا ويراد به في كتابه وحكمه كذا - أو كان بحذف المضاف أى عند كتاب ربكم - أو عند رسول ربكم - وارتضى البيضاوي هذه
التأويلات - وحمل الآية على مقال المنافقين دون من يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم من المجهرين بالكفر قلت وهذه التأويلات مع ما فيها


الصفحة التالية
Icon