ج ١، ص : ٩٢
وأبو بكر بالغيبة على ان الضمير لمن والباقون بالخطاب.
أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا استبدلوا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ يهون عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٨٦) لا يمنعون من عذاب اللّه -.
وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ التورية وَقَفَّيْنا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ أى أرسلنا قفاه رسلا تترى فقوله من بعده تأكيد لمعنى قفينا لتضمنه معنى البعدية يعنى يوشع واشموئيل وشمعون وداؤد وسليمان وأيوب وشعيا وارميا وعزيرا « ١ » وحزقيل - واليسع - يونس وزكريا - ويحيى والياس وغيرهم صلوات اللّه عليهم أجمعين -.
وَآتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ الدلالات الواضحات من إبراء الأكمه والأبرص واحياء الموتى وغير ذلك أو المراد الإنجيل وَأَيَّدْناهُ قويناه - بِرُوحِ الْقُدُسِ قرأ ابن كثير بسكون الدال والآخرون بضمها - والمراد بالروح جبرئيل - أو الروح الذي نفخ في عيسى - والقدس الطهارة مصدر بمعنى الفاعل أى الطاهر - وهو اللّه تعالى اضافه إلى نفسه تكريما - نحو بيت اللّه وناقة اللّه نظيره فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا - أو الاضافة على طريقة حاتم الجود فيكون الطهارة في المعنى صفة للروح وطهارة جبرئيل وعيسى لاجل عصمتهما ولطهارة عيسى عن مس الشيطان عن أبى هريرة قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما من بنى آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان غير مريم وابنها - متفق عليه ولانه لم يشتمل عليه أصلاب الفحول ولا أرحام الطوامث - وتائيد عيسى بجبرئيل انه امر ان يسير معه حيث سار حتى صعد به إلى السماء - وقيل المراد بالروح اسم اللّه الأعظم الذي كان عيسى يحيى به الموتى ويرى الناس العجائب وقيل المراد به الإنجيل نظيره أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا - فان كتاب اللّه تعالى سبب لحيوة القلوب وعلى هذين التأويلين اضافة الروح إلى اللّه وتوصيفه بالطهارة ظاهرة - قال البغوي فلما سمعت اليهود ذكر عيسى عليه السلام قالوا يا محمد لا مثل عيسى كما تزعم عملت ولا كما تقص علينا من الأنبياء فعلت - فأتنا بما اتى به عيسى ان كنت صادقا فقال اللّه تعالى أَفَكُلَّما جاءَكُمْ يا معشر اليهود رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ أى بما لا تحبه يقال هوى بالكسر إذا أحب وبالفتح إذا سقط معطوف على الجمل السابقة - ووسطت الهمزة بين الفاء وما تعلقت به توبيخا لهم على تعقيبهم ذاك بهذا وتعجيبا
_________
(١) فى الأصل عزير
التفسير المظهري، ج ١، ص : ٩٣
من شأنهم - ويحتمل ان يكون استينافا والفاء للعطف على مقدر كانّ السائل يقول فما فعلوا بهم فاجاب فكفروا بهم وقال توبيخا أكفرتم بهم فكلما جاءكم الآية اسْتَكْبَرْتُمْ تكبرتم عن الايمان واتباع الرسل فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ كعيسى ومحمد وغيرهما عليهم الصلوات والسلام والفاء للسببية أو للتفصيل - وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ (٨٧) أى قتلتم مثل زكريا ويحيى وشعيا وغيرهم ذكر بلفظ المضارع على حكايت الحال الماضية استحضارا لها في النفوس فان الأمر فظيع ومراعاة للفواصل وللدلالة على انكم تريدون قتل محمد عليه السلام حيث سحرتموه وتقاتلونه لكى تقتلوه - عن عائشة قالت - سحر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى انه ليخيل إليه انه فعل الشيء وما فعله حتى إذا كان ذات يوم عندى دعا اللّه ودعاه ثم قال أشعرت يا عائشة ان اللّه تعالى قد أفتاني فيما استفتيته جاءنى رجلان جلس أحدهما عند رأسى والاخر عند رجلى ثم قال أحدهما لصاحبه ما وجع الرجل قال مطبوب قال ومن طبه قال لبيد بن الأعصم اليهودي قال فيما ذا قال في مشط ومشاطة وجف طلعة ذكر قال فاين هو قال في بئر ذروان - فذهب النبي صلى اللّه عليه وسلم في أناس من أصحابه إلى البئر فقال هذه البئر التي أريتها - وكان ماؤها نقاعة الحناء وكان نخلها رؤس الشياطين فاستخرجه - متفق عليه قلت ويجوز ان يكون تقتلون بمعناه الاستقبالى أى وفريقا تقتلون في المستقبل يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم فانه مات شهيد الاجل الشاة المسمومة التي أهدتها يهودية من أهل خيبر وحينئذ يكون ذكر من مضى قتلهم من الأنبياء متروكا - أو مقدرا تقديره وفريقا قتلتم وفريقا تقتلون - عن جابر رضى اللّه عنه - ان يهودية من أهل خيبر سمت شاة مصلية ثم أهدتها لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فاخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الذراع فاكل منها وأكل رهط من أصحابه معه فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارفعوا
ايديكم وأرسل إلى اليهودية فدعاها فقال - سممت هذه الشاة - فقالت من أخبرك قال أخبرتني هذه في يدى الذراع - قالت نعم قلت ان كان نبيا فلن يضره وان لم يكن نبيا استرحنا منه فعفا عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولم يعاقبها وتوفى أصحابه الذين أكلوا من الشاة واحتجم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على كاهله من أجل الذي أكل من الشاة - رواه أبو داؤد والدارمي وعن عائشة قالت كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فى مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما زال أجد الم الطعام الذي أكلت بخيبر وهذا أو ان وجدت « ١ »
_________
(١) اضافه إلى الفعل بتأويل المصدر - منه رحمه اللّه


الصفحة التالية
Icon