ج ١، ص : ٩٥
للمبالغة - والاشعار ان الفاتح كأنَّه يسئل عن نفسه ذلك فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا ما موصولة فاعل جاء والعائد محذوف أى ما عرفوه يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم اعرفوه بنعته في التورية كَفَرُوا بِهِ حسدا أو خوفا على المال والرياسة فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ (٨٩) أى عليهم - اتى بالمظهر للدلالة على سبب استحقاقهم اللعنة فاللام للعهد ويجوزان يكون للجنس وهم داخلون فيهم.
بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ ما بمعنى شيئا تميز لفاعل بئس المضمر فيه واشتروا صفته بمعنى باعوا وأنفسهم مفعول اشتروا إلى بئس ما باعوا به حظ أنفسهم من الاخرة - أو المعنى اشتروا به أنفسهم في ظنهم حيث خلصوها عن الذل بترك الرياسة أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ هو المخصوص بالذم بَغْياً مفعول له ليكفروا « ١ » « ٢ » دون اشتروا للفصل - واصل البغي الطلب والفساد يقال بغى يبغى بغيا إذا طلب وبغى الجرح إذا فسد - ويطلق الباغي على الظالم لأنه مفسد وعلى الخارج على الامام لأنه مفسد وطالب للظلم وعلى الحاسد فانه يظلم المحسود ويطلب ازالة نعمته - والمعنى انهم يكفرون حسدا وطلبا لما ليس لهم وفسادا في الأرض أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ القرآن متعلق ببغيا بتقدير اللام - قرأ ابن كثير وأبو عمرو ينزل وبابه إذا كان مستقبلا مضموم الأول بالتخفيف من الانزال حيث وقع واستثنى ابن كثير وما ننزّله في الحجر - وننزّل من القرآن - وحتّى تنزّل علينا في الاسراء واستثنى أبو عمرو على أن ينزّل اية في الانعام - والذي في الحجر ما ننزّل الملئكة الّا بالحقّ مجمع عليه بالتشديد - والباقون بالتشديد من التنزيل في الجميع غير ان حمزة والكسائي يخففان ينزل الغيث في موضعين أحدهما فى لقمان والثاني في الشورى مِنْ فَضْلِهِ بلا سبق عمل يقتضيه - عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ يعنى محمدا صلى اللّه عليه وسلم فَباؤُ بِغَضَبٍ بسبب كفرهم بمحمد صلى اللّه عليه وسلم والقران عَلى غَضَبٍ قد سبق عليهم بكفرهم بعيسى والإنجيل وترك العمل بالتورية وعبادة العجل وقولهم عزير ابن اللّه والاعتداء في السبت وغير ذلك وَلِلْكافِرِينَ عَذابٌ مُهِينٌ (٩٠) يراد به إذلالهم بخلاف عذاب العصاة من المؤمنين فانه لتطهيرهم عن الذنوب.
وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ من القرآن وسائر الكتب الالهية قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا أى التورية وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ حال عن الضمير في قالوا - والوراء فى الأصل مصدر جعل ظرفا ويضاف إلى الفاعل فيراد ما يتوارى به وهو خلفه - والى المفعول ويراد
_________
(١) فى الأصل مفعول له يكفرون [.....]
(٢) فيه تسامح لأنه غير داخلة في الضابطة لأنه في قرارة ابن كثير ومن معه بفتح الأول - لعله رحمه اللّه أراد به وما ننزله وصدر من سباق قلم هذا - أبو محمد عفا اللّه عنه


الصفحة التالية
Icon