ج ٣، ص : ١٩
عن البيت وقد اشتد ذلك عليهم فمر بهم أناس من المشركين من أهل المشرق يريدون العمرة فقال اصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نصد هؤلاء كما صدنا أصحابنا فانزل اللّه تعالى وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ قال البغوي قال ابن عباس وقتادة لا يحملنكم وقال الفراء لا يكسبنكم شنأن قوم أى قومكم من أهل مكة والشنآن مصدر بمعنى شدة البغض والعداوة أضيف إلى المفعول أو الفاعل قرأ ابن عامر وأبو بكر بسكون النون الاولى والآخرون بفتحها وهما لغتان فى المصدر وجاز ان يكون نعتا على تقدير سكون النون بمعنى بغيض قوم فان المصادر أكثرها فعلان بفتح العين مثل الضربان والسيلان والنسلان وبالسكون فى النعت اكثر مثل السكران والندمان والرحمن أَنْ صَدُّوكُمْ قرأ ابن كثير وأبو عمرو بكسر الهمزة على انه شرط معترض اغنى عن جوابه لا يجر منكم والباقون بفتح الهمزة بتقدير اللام أى لأن صدوكم عن البيت عام الحديبية متعلق بشنأن قال البغوي قال محمد بن جرير هذه السورة نزلت بعد قصة الحديبية وكان الصدقة قد تقدم عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا عليهم بالقتال وأخذ الأموال وهذا ثانى مفعولى يجر منكم فانه يتعدى إلى واحد والى اثنين ككسب وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ أى على امتثال امر اللّه تعالى وَالتَّقْوى أى الانتهاء عما نهى عنه كى يتقى نفسه عن عذاب اللّه وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ يعنى لا تعاونوا على ارتكاب المنهيات ولا على الظلم لتشفى صدوركم بالانتقام عن النواس بن سمعان الأنصاري قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن البر والإثم قال البر حسن الخلق والإثم ما حاك فى نفسك وكرهت ان يطلع عليه الناس رواه مسلم فى صحيحه والبخاري فى الأدب والترمذي وعن أبى ثعلب قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب وان أفتاك المفتون رواه أحمد قلت هذا الحديث خطاب
لارباب النفوس المطمئنة والقلوب الزاكية وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ فانتقامه أشد وخوف.
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ هذا بيان لما يتلى عليكم والميتة ما فارقه الروح على حتف انفه أخرج ابن مندة فى كتاب الصحابة من طريق عبد اللّه بن جبلة بن حيان بن ابجر عن أبيه عن جده حيان بن الجر قال كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وانا أوقد تحت قدر فيها لحم ميتة فانزل اللّه تحريم الميتة فاكفأت القدر قلت انما ذكرت هذا الحديث فى هذا المقام تبعا