ج ٣، ص : ٢٥
وانما نزلت تلك الآية للتوبيخ وقد ورد فى حديث جابر عند مسلم فى قصة حجة الوداع قوله صلى اللّه عليه وسلم وربوا الجاهلية موضوع وأول ربوا أضع من ربانا ربوا عباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله وقال سعيد بن جبير وقتادة أكملت لكم دينكم فلم يحج معكم مشرك وقيل أظهرت دينكم على الأديان كلها وامنتكم من الأعداء - (فائدة) نزلت هذه الآية يوم الجمعة عرفة بعد العصر فى حجة الوداع والنبي صلى اللّه عليه وسلم واقف بعرفة على ناقته العضباء فكادت عضد الناقة تندقّ من ثقلها فنزلت روى الشيخان فى الصحيحين عن عمر بن الخطاب ان رجلا من اليهود قال له يا امير المؤمنين اية فى كتابكم تقرءونها لو نزلت علينا معشر اليهود ما نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال ايّة اية قال اليوم أكملت لكم دينكم الآية قال عمر قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى اللّه عليه وسلم وهو قائم بعرفة يوم الجمعة أشار عمر إلى ان ذلك اليوم كان عيد النابل عيدين الجمعة وعرفة قال البغوي روى هارون بن عنترة عن أبيه قال لما نزلت هذه الآية بكى عمر فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم ما يبكيك يا عمر قال أبكاني انا كنا فى زيادة من ديننا فاما إذ أكمل فانه لم يكمل شىء الا نقص قال صدقت وكان هذه الآية نعى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعاش رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعدها أحد وثمانين يوما ومات يوم الاثنين بعد ما زاغت الشمس لليتين خلتا من شهر ربيع الأول سنة أحد عشر وكانت هجرته فى الثاني عشر منه وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي يعنى أنجزت وعدي بقولي ولاتم نعمتى عليكم وإتمام النعمة بالهداية والتوفيق وإكمال الدين وفتح مكة وهدم منار الجاهلية حتى حجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين وَرَضِيتُ أى اخترت لَكُمُ الْإِسْلامَ من بين الأديان دِيناً وهو الدين الصحيح عند اللّه لا غير روى البغوي بسنده عن جابر بن عبد
اللّه قال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول قال جبرئيل قال اللّه تعالى هذا دين ارتضيه لنفسى ولن يصلحه الا السخاء وحسن الخلق فاكرموه بهما ما صحبتموه واللّه اعلم فَمَنِ اضْطُرَّ متصل بذكر المحرمات وما بينهما اعتراض بما يوجب التجنب عنها من تعظيم الدين وذكر المنة على المؤمنين باكماله وكون ارتكابها فسقا يعنى من اضطر إلى أكل شىء مما ذكر فِي مَخْمَصَةٍ وهى خلو البطن من الغذاء يقال رجل خميص البطن أى جائع غَيْرَ مُتَجانِفٍ أى مائل لِإِثْمٍ أى إلى اثم بان يأكلها تلذذا أو عجاوزا عن


الصفحة التالية
Icon