يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلامه عليه :﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين ﴾ الذين أمرتك بقتالهم. وأحللت لك استباحة نفوسهم وأموالهم ﴿ استجارك ﴾ أي استأمنك فأجبه إلى طلبته حتى يسمع كلام الله، أي القرآن تقرؤه عليه. وتذكر له شيئاً من أمر الدين تقيم به عليه حجة الله ﴿ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ﴾ أي وهو آمن مستمر الأمان حتى يرجع إلى بلاده وداره ومأمنه ﴿ ذلك بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ ﴾ أي إنما شرعنا أمان مثل هؤلاء ليعلموا دين الله وتنتشر دعوة الله في عباده، ولهذا كان رسول الله ﷺ يعطي الأمان لمن جاءه مسترشداً، كما جاءه يوم الحديبية جماعة من الرسل من قريش، فرأوا من إعظام المسلمين رسول الله ﷺ ما بهرهم. وما لم يشاهدوه عند ملك ولا قيصر. فرجعوا إلى قومهم وأخبروهم بذلك، وكان ذلك وأمثاله من أكبر أسباب هداية أكثرهم. ولهذا أيضاً لما « قدم رسول مسيلمة الكذاب على رسول الله ﷺ قال له : أتشهد أن مسيلمة رسول الله؟ قال : نعم، فقال رسول الله ﷺ :» لولا أن الرسل لا تقتل لضربت عنقك «، والغرض أن من قدم من دار الحرب إلى دار الإسلام في أداء رسالة أو تجارة أو طلب صلح أو نحو ذلك من الأسباب وطلب من الإمام أو نائبه أماناً، أعطي أماناً ما دام متردداً في دار الإسلام وحتى يرجع إلى مأمنه ووطنه، لكن قال العلماء : لا يجوز أن يمكن من الإقامة في دار الإسلام سنة، ويجوز أن يمكن من إقامة أربعة أشهر. وفيما بين ذلك فيما زاد على أربعة اشهر ونقص عن سنة قولان عن الإمام الشافعي وغيره من العلماء رحمهم الله.


الصفحة التالية
Icon