يبين تعالى حكمته في البراءة من المشركين ونظرته إياهم أربعة أشهر، ثم بعد ذلك السيف المرهف أين ثقفوا، فقال تعالى :﴿ كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ ﴾ أي إمان ويتركون فيما هم فيه وهم مشركون بالله كافرون به وبرسوله ﴿ إِلاَّ الذين عَاهَدْتُمْ عِندَ المسجد الحرام ﴾ يعني يوم الحديبية :﴿ فَمَا استقاموا لَكُمْ فاستقيموا لَهُمْ ﴾ أي مهما تمسكوا بما عاقدتموهم عليه وعاهدتموهم من ترك الحرب بينكم وبينهم ﴿ فاستقيموا لَهُمْ إِنَّ الله يُحِبُّ المتقين ﴾، وقد فعل رسول الله ﷺ ذلك والمسلمون، استمر العقد والهدنة مع أهل مكة من ذي القعدة في سنة ست إلى أن نقضت قريش العهد وما لأوا حلفاؤهم، وهم ( بنو بكر ) على خزاعة أحلاف رسول الله ﷺ، فقتلوهم معهم في الحرم أيضاً. فعند ذلك غزاهم رسول الله ﷺ في رمضان سنة ثمان ففتح الله عليه البلد الحرام ومكنه من نواصيهم ولله الحمد والمنة، فأطلق من أسلم منهم بعد القهر والغلبة عليهم فسموا الطلقاء، وكانوا قريباً من ألفين، ومن استمر على كفره وفر من رسول الله ﷺ بعث إليه بالأمان والتسيير في الأرض أربعة أشهر يذهب حيث شاء، ومنهم ( صفوان بن أمية ) و ( عكرمة بن أبي جهل ) وغيرهما ثم هداهما الله بعد ذلك إلى الإسلام التام، والله المحمود على جميع ما يقدره ويفعله.


الصفحة التالية
Icon